بسم الله الرحمن الرحيم
عيد الفطرة
العيد هو من معاودة الشيء المحبوب مرة تِلْو مرة فيه كل محبة ومسرة وطيبة ومسامحة وأخوة وأمل وصدق وعمل وتعاون وبر وتقوى بين أطياف البشر عندئذ يكون العيد حقيقي بمعانيه ومراميه وأبعاده وأهله يسعون بجد نحو تحقيق هذه الأهداف وبه ومعه يفرحون ويتبادلون التهاني ...
" قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ "58 يونس
العيد معروف فرحة وانشراح وخير وسرور وتبادل المباركات واجتماع الخلان وتجديد وتغيير لحياة أفضل وأرقى وإحسان للإنسان...
العيد له أصل معهود تتفق عليه أمتنا من خلاله تحسين صورتها والتغيير للأفضل ومنه تستمد حياتها من حياته فيحل فيها النور والحُبُور والبهجة والفرح والمرح والسرور...هذا ما يجلبه العيد لها ،
العيد ليس حمل وردة حمراء أو خضراء أو صفراء...العيد باقة ورد كاملة بكل الألوان البشرية نرفعها فوق رؤوسنا عندما يعم السلام حقيقة ويرفع الظلم ويحل الوئام ونصبح أخوان متصافحين متسامحين...هذا هو العيد،
العيد بساط أخضر لكل المحبين للسلام والعدالة يمسكون بأيدي بعضهم البعض ويعبرون جسر السلامة والصحة والمودة والمحبة يتبادلون الابتسامة وطيب الكلام ويتبادلون جميع الوان الورود بقلوب نقية طاهرة صافية نظيفة لطيفة لا يشوبها ولا يعكر صفوها المعوقات...
العيد ليس بلون الدم الأحمر ورمزيته ودلالته وإشارته وأصحابه ممن يحملون ذلك الشعار أكتفينا واكتوينا ومرضنا وشقينا وأنقطع الأمل وتفرق الأهل والولد بسبب اللون الأحمر القاني الذي سفك دون حق...
العيد عودة للأصالة وترك التفاهة وسفاسف الأمور ومحقراتها والارتفاع عن كل ما يحط من قدر الأفراد والجماعات والمجتمعات قال الله تعالى" وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)الإسراء
العيد ليس سخافات ولا تفاهات ولا اختلافات ولا موسم معاص ولا اسراف ولا تبذير ولا تعري ولا تباهي ولا تهافت ولا تلون فاللون لا يجذب الفرحة مهما كان إن لم تكن اليد التي تحمله نظيفة وقلب طاهر عامر بالأيمان ، عندها تكتمل الفرحة ويكون العيد حقيقي...
اعيادنا أصبحت بعدد ايام مناسباتنا نختزل منها لنا عيدا جديدا ولم يعد له بهجة ولا سرور فقد خلت من المعاني والراحة النفسية وعم فيها الهم والغم والنكران والنفاق والكذب والمباهاة والتقليد الأعمى ومازلنا نركض وراء أعياد كلها سراب دون مغزى ...
قال الله تعالى"... كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ..."آية 14 الرعد
فمتى إلى الله نعود واليه نتوب... فعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قدِم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ ولهم يومانِ يَلعَبونَ فيهما،
فقال: ((قدْ أبْدَلكم اللهُ تعالى بهما خيرًا منهما؛ يومَ الفِطرِ والأضحى"
فالعيد تشريف بعد تكليف فلا يأتي من فراغ فهو لحكمة ربانية وتشريع حكيم فعيد الفطر يأتي بعد نعمة إتمام الصيام بفرحة وسرور وهو جائزة على الصيام وعيد الأضحى بعد إتمام الحج والوقوف في عرفة...
إذن كلاهما شكر وعرفان لله تعالى على ما أنعم به المولى وأَوْلاَه، ففيه معنى العبادة والثواب والفرحة ومنع للخروج على الفطرة السليمة والأعراف الحسنة الطيبة المعتادة ومشابهة الأنذال.
النتيجة كل الأعياد كما قال الله تعالى" إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ" آية(23)النجم
وفي الختام قال الله تعالى "... يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"185 البقرة، إذن القلوب الطاهرة النقية لا تتلون بلون النفاق والرياء والتزلف
تقبل الله منكم الطاعات والعبادات والصدقات والصيام والقيام وكل عام وأنتم بخير
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق