السبت، 15 مارس 2025

حين تفرق الشمل/الراقية زكية كبدانى مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 حين تفرَّق الشمل


أنا الغيورةُ على سرِّي

أخشى على نفسي ومَن حولي

وحيدةٌ في دربٍ طويل

لا يراني سوى ظلِّي


وصلتُ، وأنا أقربُ من خلوتي

وفي غربتي أُجالسُ حزني

وإن كان في أهل دمي مُقيمًا

فما عادَ في القربِ ما يُغني


غابَ الوفاءُ وجفَّ النبضُ

وبات الودادُ سرابًا بعيدا

كأنَّ القلوبَ ارتضت الفراقَ

وضاع الحنينُ وجفّ النشيدُ


تغيَّرَ الإخوةُ، صاروا غُرباء

تبدَّدَ فيهم ذاكَ المعنى

وهذا المصيرُ بعدَ الأحبَّة

أفقدانُهم هو ما دنانا؟


تناسَوا أيَّامَ الطفولة

حينَ كُنَّا نقاسمُ الخبزَ ودًّا

نأكلُ معًا من صحنٍ وحيد

وكانَ الأخُ الصديقَ والمُهْدَى


والآنَ تبدَّلَ حالُ الإخاءِ

وصارَ الأخُ لزوجتِهِ مَيْلًا

وأصبحتِ الأختُ لا تذكرُ إلا

أولادَها بالنفوذِ شُغْلًا


الكلُّ يحكي، ولا مَن يُصغي

والعقلُ في الناسِ قد غابَا

لا الخالةُ تلقى حنانَ القريبِ

ولا العمةُ تذكرُ أحبابَا


يا ليتَ عهدًا مضى عادَ يومًا

حينَ القلوبُ كضوءِ السماءِ

فأينَ النقاءُ وأينَ التآخي؟

وأينَ الشعورُ ببعضِ البلاءِ؟


بعدَ الأمِّ كُنَّا نلتقي

وبفضلِ الأبِ ظلَّتْ رؤانَا

نتفرَّقُ لكنْ إلى ظِلِّهِ نعودُ

فنحيا بحقٍّ بلُقياهُ أنَّا.


تفرَّقَ الشملُ، لكنْ بقينا

نجتمعُ تحتَ ظِلِّ الحنينِ

وحينَ غدا الأبُ ذكرى بعيدةً

تفرَّقَ خطوُ المحبِّ الأمينِ.


فلمَّا مضى وانطفأتْ خطاهُ

تبعثرَ شملُ الأحبَّةِ بعدَهْ

وضاعَ الطريقُ، وسادَ الجفاءُ

وصارَ الحنينُ سرابًا يُبادَهْ.


لرحيلهِ افترقنا وتاهَ لِقَانَا

وضاعَ الطريقُ، ودنا التيهُ

فأينَ الودادُ وأينَ الصفاءُ؟

وأينَ القلوبُ وماضي أبيهِ؟


ألا ليتَ للعهدِ قلبًا وفيًّا

يُعيدُ لنا ما طويناهُ قديمًا

فما كانَ ماضينا محضَ سرابٍ

بل جُرحًا تُجدِّدهُ الأيامُ دامِيَا.


وما زالَ في القلبِ شوقٌ عميق

فهل من ودادٍ يعيدُ التآخِيَا؟

أما آنَ للحبِّ أن يستفيقا؟

أما آنَ للودِّ أنْ يحتوينا؟

زكية كبداني

15/03/2025


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق