بسم الله الرحمن الرحيم
رمضانيات
{{... ذَاتِ الشَّوْكَةِ ...}}
كل حدث حديث ذو قيمة وأثر عظيم يسجله القرآن ليبقى في الذاكرة لأنه هو بداية خير ومرجع للمؤمن ، ففي السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة كانت غزوة بدر الكبرى،
فهي أول تماس غير مخطط له من الرسول وصحبه مع مشركي مكة ،إلا أن الهجرة إلى المدينة المنورة من قبل المهاجرين وترك بيوتهم وأموالهم وحتى نسائهم ترك أثرا في نفوسهم فخرجوا لا يملكون شينا من الدنيا ومتاعها،
ولسد هذه الفجوة أول عمل قام به صلى الله عليه وسلم المؤاخاة بين المهاجرين والانصار وبناء مجتمع متكاتف ومتراص ووحدة واحدة لا خلل وهذا من فضل الله عليهم....
فالمدينة المنورة أصلا موقعها على طرق القوافل التجارية الذاهبة والآتية من بلاد الشام نحو مكة المكرمة سواء قبل الرسالة أو بعدها فهذه فرصة سانحة للنيل من المعتدين الذين أحاطوا على أموال المهاجرين في مكة وأخذوها وصادروها عنوة ومنعوا نقلها مع أصحابها...
وكانت أول مواجهة السنة الثانية للهجرة هي قدوم قافلة أبي سفيان وحمولتها بالأرزاق والمتاع والمؤن فخرجت فئة قليلة بحدود ثلاثمائة واربعة عشر رجلا لملاقاة القافلة وتحويلها باتجاه المدينة المنورة ...
قائد القافلة من دهاة العرب أبو سفيان عندما عرف بأخبار المسلمين وترصدهم به، فبدل المرور بالقرب من المدينة المنورة بادر وغير مسار القافلة باتجاه ساحل البحر الأحمر مبتعدا عن المدينة وبذلك نجا بالقافلة وما حملت من مؤن.....
إذن هذا هو البعد والهدف الاستراتيجي من وراء خروج الرسول وصحبه من اعتراض القافلة ....
وهي نظرة تعويض للصحابة لما فاتهم من أموالهم ومكتسباتهم التي فوتها عليهم مشركي مكة في هجرتهم إلى المدينة المنورة ، وهي نظرة صائبة لا حرج فيها , ومع فوات القافلة على المسلمين لا ننكر أن هذا كان له أثر في نفوسهم كبشر...وكانت سببا مباشرا في حصول وقعة غزوة بدر الكبرى.........
الآن تتدخل الإرادة الإلهية وهي قطع دابر الكافرين أهم نتائج الغزو {{ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)الأنفال
فالاختيار من الله كان لصالح المسلمين...فتجد أن إرادة الله ساقت المشركين إلى حتفهم في بدر، على الرغم من عودة القافلة سليمة لم ينلها أذى، ومع هذا المشركون أخذتهم العزة بالإثم،
فقال أبُو جهلٍ: والله لا نرجعُ حتى نبلُغَ بدراً ونُقِيمُ فيه ثَلاثاً، نَنْحَرُ الجُزُورَ، ونُطْعِمُ الطعامَ، ونسقِي الْخَمْرَ، وتسمعُ بنا العَرَبُ فلا يَزالون يهابونَنَا أبداً
وكان دور الشيطان بإثارتهم كما ورد ذكره في القرآن الكريم ، وخاصة في هذه الغزوة بالذات :-
{{إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّه وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48)الأنفال
هذه هي المواثيق والتعهدات الفاشلة كما هو حاصل الآن من نقض لها في هذه الأيام دوم مبالاة.......
هذه الخطط كلها أفشلها رب العالمين ولهذا اقرأ قول الحق سبحانه وتعالى :-
{{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ...الخ الآيات التي جاءت في وصف الغزوة والنصر من سورة الأنفال.
كان من نتائج الغزوة هزيمة المشركين هزيمة نكراء ومقتل قادتهم سبعون رجلا منهم وأسر مثلهم آخرين وغنائم لا تحصى ولا تعد...
وبهذا تحقق للمسلمين ما كان في أنفسهم، وسقوط هيبة المشركين وكسر شوكتهم للأبد،
ورفع معنويات المسلمين أبد الأبدين كما سجلت في القرآن الكريم...
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق