الأحد، 4 مايو 2025

زمن الغربلة/د احمد محمد شديفات مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

من هدي النبوة

(... زمن الغَرْبَلَةً...)

هذا هو زمن الغربلة حقا وصدقا وعدلا وتطبيقا ...

"...  حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ..."179 آل عمران،

فالغِرْبَالُ :- هو أدَاةٌ دائِرِيَّةٌ يُغَرْبَلُ بِهَا الحبوب وأمثالها مما علق بها من شوائب وزوان وَمَا إِلَى ذَلِكَ كثير كي يعرف الخبيث من الطيب،

والغربال يشْبِهُ الدُّفَّ ،ويَشُدُّ مُحيطَه جِلْدٌ أَوْ مَعْدِنٌ بِهِ ثُقُوبٌ صَغِيرَةٌ تُنَقِّي الْمَادَّةَ الْمُغَرْبَلَةَ،

وفي حديثه صلى الله عليه وسلم .............

قال :- {{ كَيْفَ بِكُمْ وَبِزَمَانٍ ***

أَوْ {{ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ زَمَانٌ ***

يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً***

تَبْقَى حُثَالَةٌ مِنْ النَّاسِ***

قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ وَاخْتَلَفُوا فَكَانُوا هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ***

 فَقَالُوا: وَكَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

 قَالَ: (تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ وَتَذَرُونَ مَا تُنْكِرُونَ وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ)

الحديث صورة بيانية ذات أبعاد اجتماعية تصف حالة مرضية كأنها أمامك مرسومة وموسومة دليل صدق النبوة، توصيف دقيق- للغربلة البشرية غربلة تَمايُز لإخراج الحثالة كغربلة الحبوب مما يخالطها من شوائب،  

وتأتي الغربلة ويراد بها الدقة في معرفة الرجال الأمناء من الأنذال الجبناء-  فهي حركة منضبطة من خلال فرز الخبيث من الطيب بواسطة أداة لا تتغير ولا تتبدل ويعرفها القريب والبعيد، وهي صورة ذهنية تقارن مع واقع محسوس وهو الغربال وآخر منقوص وهو نقض العهود وخيانة الأمانات وقنص المواقف ونسيان الماضي القريب ...  

فالغربلة صورة حقيقة أدركناها ورأينها وفهمناها، إلا أن البعض في هذه الأيام لا يعرف ماهية الغربلة ويأكل بدون غربلة خربطة لاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ الغَثِّ وَالسَّمِينِ والخبز والعجين...

وغربل يا غربال يمين وشمال وللأعلى والأسفل من أجل أن تسقط حثالة آخر الزمان فما عاد لها مكان فكل شيء قد بان من خلال الكتاب والسنة ،

 إلا أن الغربال لم يعد كما كان ينزل كل الزوان فقدت كثرت الشوائب وثقل الغربال رغم دقته وأغلقت ثقوبه وزادت عيوبه وسدت شقوقه...  

 السبب قلة الوفاء بين كثير من البشر لا عهود تضبطهم ولا مواثيق تربطهم وضاعت الأمانة وحلت الخيانة وكثر الكذب والنفاق والرياء، وأختلط الحابل بالنابل واشتبكت الأمور وتداخلت الأصابع مع بعضها البعض كما وصف الرسول عليه الصلاة والسلام ،ولم يعد هنالك انفكاك لعدم وجود حلول، وساءت النيات واسودّت القلوب بغطاء من الحقد والحسد والبغضاء....

حتى تخلى المسلم عن أخيه وأعان عدوه عليه وسلمه له بيديه وأصبحا معا عليه فلا يراقبان الله  فيه لا ذمة ولا دينا...  

فالغربلة تصفيات وتدقيق حسابات وكشف حالات ونيات ،

قال الله تعالى :- (لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ* وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ* فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ..)

الحمد لله على هذا البيان النبوي فالنفايات تأول إلى حثالة مغربلة يتم جمعها لا فائدة منها ومصيرها المحرقة رمادا تذروه الرياح في مزبلة التاريخ وقد أندثر وراح إلى ...  

{{جَهَنَّمَ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}}

فالحثالة هي بقايا مقززة التي لا يستفاد منها، وبقائها أذى وفتنة هشيما لا يجمعها جامع...

{{فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ}}  

 ذهاب العقلاء والحكماء وأهل المشورة والرأي والثقات والرجولة والمرؤة والنخوة والإصالة وبقيت حثالة الناس،

 ولم يبقى للقوم من يلبي نداء أو استغاثة  تركض الأمة وراء سراب بقيعة تيه وراء تيه مؤتمرات وصالات ومهرجانات وهرج ومرج وفي الأخير حط بالخرج...  

تطفوا على السطح الحثالة كالقمامة من الرعاع فاقدي الأهلية السفهاء بادئ الرأي يفسدون ولا يصلحون هم الزُّوَان والسقط من ثقوب الغربال، وهذه عملية فرز الحثالة المغربلة والغريب العجيب في هذه الزمان حماية الحثالة واجب عند البعض لأن الحثالة تألف بعضها البعض، الشكوى إلى الله "... إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" 90 يوسف

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق