بسم الله الرحمن الرحيم
قبس من نور
"مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ۖ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ"
هذه آية من سورة هود 83 جاءت في معرض قصة عذاب خسف قرى قوم لوط وكيف انقلب عالي البيوت سافلها وهو نوع من العذاب خصهم بالذات دون غيرهم من الأمم لسوء عملهم
"فَلَمَّا جَاۤءَ أَمۡرُنَا جَعَلۡنَا عَـٰلِیَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَیۡهَا حِجَارَةࣰ مِّن سِجِّیلࣲ مَّنضُودࣲ "82 هود،
وصف العذاب بهذه الصورة رهيب ومخيف ومريب يتفق وشناعة الذنب المقترف، ويترك أثرا باقيا في ردع النفوس المنحرفة عن الفطرة السليمة الطاهرة فهو شذوذ جنسي غير أخلاقي حتى فيما يطرح من تساؤلات في إتيان المرأة في دبرها فقد أجاب القرآن بكلمة الحرث إشارة لموضع النسل والطهارة" فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّالْمُتَطَهِّرِينَ"222البقرة فالاستطراد هذا لست بصدد البحث في تفاصيله فهو أيجاز في بيان نظافة طاهرة العلاقة الزوجية
الرابط بين هذا العنوان وفيما يسمى الآن قوة الردع التي تسعى كثير من الدول امتلاكها كالأسلحة النووية وهي دول معدودة لأن الهدف منها ردع ومنع العدوان وهذا السلاح صمام الأمان الأخير وقت الحاجة اليها،وهي بالنسبة للآية ردع من أشد العذاب لمن تسول له ظلم الآخرين
وقد سلك القرآن الكريم نظرية قوة الردع وحفظ حق الرد على الظالمين من خلال الآيات القرآنية التي أعدت عذابا بمواصفات عالية ودقيقة الإصابة وهي آية العنوان وما هي من الظالمين ببعيد فالأصل كل ظالم أن يحتاط لنفسه من العذاب قبل ساعة نزوله
ومن مواصفات وعلامات قوة الردع هذه يكفي أنها "مسومة عند ربك" معلمة بصفة احترافية تلحق الضرر بالظالم لا تخطئه محفوظة في أمان لا يطالها خلل أو تلف أو نقصان ولا يعلم عددها إنسان إلا الخالق الديان ..وهي ليست ماركة مسجلة لدى دولة ضالعة في الظلم والعدوان،.
الحمد لله الذى خسف العار في مهده مع أهله بطريقة غير معهودة بالعذاب كي تجلب الانتباه فالردم والهدم أنكفأ على الظالم فأصبح في أسفل البنيان مقبورا في ذلك المكان آية على طول الزمان وهذا إمعانا في التعذيب والتنكيل ووعيدا للمخالفين التاليين اللاحقين الذين سيصيبهم ما أصاب الأولين من سلفهم ليس قوم لوط وإنما يتناول كل أفعال الظلم
أعطى القرآن صورة للعذاب جريئة يتخيلها الإنسان كأنه يراها للتو باقية للوطيين المثليين الآتين مع الزمن إلى يوم الدين أن الحجارة المسومة المعلمة كحبات المطر كثرة وعددا
من خلال هذا العرض القرآني الرتيب يتضح الطرف المقصود والمستهدف بالوعد والوعيد والتهديد والأخذ بشدة غير معهودة "وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ" أقوى رادع للظالمين فهم ليسوا بأمن من عذاب الله فقد فعلوا بالمسلمين من القتل والتجويع والتعذيب والتشريد والتهجير ما تنؤ عن حملها الجبال الراسيات...
قال الله تعالى"وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ"46 ابراهيم
الدكتور أحمد محمد الشديفات/ عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق