الاثنين، 30 أغسطس 2021

رأيت امانة التدريس/بقلم محمد الدبلي الفاطمي مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 رأيتُ أمانةَ التّدريسِ ضاعتْ

أُعارضُ ما يُمارَسُ في بلادي***وأرْفضُ جهرةً نُخَبَ الفــسادِ

أقولُ لهمْ كفى رهباً ونهباً***فعَــصْرُ النّاسِ سبّبَ في الكــسادِ

لماذا تزْرعونَ الفقْرَ فينا***بِغرْسِ السُّحْــــتِ في كلّ الأيادي؟

إدارتُنا يُـــــسيّرُها ذئاب***تراهُـــــمْ في التّــعاملِ كالأعادي

تُعدُّ بها الإتاوةُ كلَّ شيئٍ***كأنّ السّـــــــحتَ من قِيَمِ الجــهادِ

فلا تصمُتْ أمامَ السّحتِ خوفاً***وقاومْ ما يســـيئُ إلى بلادي

////

لماذا الضّادُ طلّقَهُ الأدبْ***فأصبحَ في المدارسِ كالحـــطبْ؟

ألمْ تسمعْ أحاديثَ الأغاني***وكيفَ سيــــــستقيمُ بها الطّربْ؟

ركِبنا في ثقافتنا انحطاطاً***أضلَّ النّاسَ واغْتــصــبَ الأدبْ

وأُجْبِرَتِ العقولُ على انحدارٍ***تدحْرجَ نحو خاصرةِ الحـقبْ

كأنّ وزارةَ التّعــــــليم باعتْ***ثقافتَـــــنا إلى أدْنى الرّتـــبْ

////

تناسلتِ المشاكلُ والعــــقدْ***وفي الأوهامِ أغْــرقَنا النّــــــكدْ

نُفكّر في البطونِ بلا عقولٍ***ونحــسدُ في الأنامِ من اجتــــهدْ

كأنّ طبائعَ الخُبثاءِ فيــــــــنا***توارثتِ النّفاقَ إلى الأبـــــــــد

وتلكَ طِباعُهم إنْ شِئْتَ أمْ لا***لأنّ الطّبعَ يسْــكُنُ في الجــسدْ

لقد ختم الحكيم على قلوب***سيأكلها الحريق من الحــــــسد

////

علينا أن نعود إلى البيان***لنلـــحق بالحــــضارة في الزّمان

فنحن اليوم كالغربان صرنا***نقـــلّد ما نراه من المــــــباني

ونزعم أنّ أنفسنا استقامت***وسوء الحال يعــكس ما نــعاني

أضعنا الصّدق في التّعليم لمّا***جعلنا اللّغو فاتــحة اللّـــسان

نُعلّم نسلنا فهماً عقـــــــــــيماً***بتنشئةٍ تُصاغُ من الهـــــوانِ

////

رسمتُ كآبتي بأسى الظّروفِ***ولونُ اللّيل أثّرَ في حـــروفي

رأيتُ أمانة التّدريس ضاعتْ***فعــوّقتِ الألــوفَ من الألوفِ

كأنّ مدارس الأوطان أمستْ***تُدرّسُ ما يقــودُ إلى الحتــوفِ

وتلك مصيبةٌ سقطتْ عــــــلينا***فلقّبها الأكابرُ بالظّــــــروفِ

وإن نحن استمرّ بنا التّدنّي***سنرجعُ في الحياة إلى الكــهوفِ

////

ثقافتنا أصــــــيبت بالوباء***فـــعادت بالعــــــقول إلى الوراء

ألم تر أنّنا نلغو ونـــــعوي***وننهق كالحـــمير من الغــــباء؟

تأمّل حالنا في كلّ حـــــقل***فما يجري يعدّ من البـــــــــغاء

كأنّ نفوسنا غلبت علينا***بخوض البغي في ســــــوق النّـساء

نحمحم كالبغال لكلّ أنثى***وداء البغي صـــــــعب في الدّواء

////

تعالى ربّنا عمّا نـــقول***وربّ العــــــــرش ترهبـــه العـقول

نرى الدنيا ومن أضحى عليها***نعــيما بالتّــــــــوهّم لا يزول

وتلك خديعة لا ريب فيها***سيكشفــــــها بظلـــــــــمته الأفول

ومن ظنّ الحياة بلا وفاة***فقد لعبت بصـــــــــحوته المـــيول

فلا تطمع فإنّ الموت آت***ودفن النّاس تفرضه الأصـــــــول

////

نُحوْقِلُ في المساء وفي الصّباح***ونُجْهرُ بالنّداء على الــفلاح

ونسجدُ في الصّلاة بلا خشوعٍ***ونُسرعُ كيْ نـــعودَ إلى النُّباحِ

وإن خطب الإمامُ وقال حقّاً***بدعوتنا إلى قـــيمِ الصّـــــــلاح

تجاهلْنا السّماعَ له احتقاراً***وخُضْنا في القبيح من الطّــــلاح

وهذا الحالُ شرٌّ مستطيرٌ***سيهجُمُ بالغروبِ على الصّـــــباح

////

ألا يا أمّة القرآن عــــودي***إلى رُشْدِ البُناةِ من الجـــــــدود

ألا عودي فإنّ الظّلم أضحى***شبيهاً بالّذي عند اليـــــــــهود

تصاعدت القساوةُ في بلادي***وأمسى القهرُ من سُننِ الوجود

وعضّ الفقر بالأنياب شعبا***أضاع العمر يرقب في الوعـود

فذكّر إنّما الذّكـــــرى نداء***يراد به التّــــــــــــقيّد بالحـدود

////

أحسّ بأنّني شرسُ الكلام***لدى الجهّال من صـــــنف اللّئام

ولست بنادم عن كلّ حرف***رجمت به الضّـــباع من الأنام

سأبقى ناظما مادمت حيّا***على خطّ النّـــــضال مع الكرام

فدعني لا أريدك أن تلمــني***فإنّ اللّـــــوم من سفه الكلام

وقل لي لفظة تحيي ضميري***لأخرج في الحياة من الظّلام

محمد الدبلي الفاطمي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق