الأحد، 29 ديسمبر 2024

قبس من نور/د احمد محمد شديفات مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

قبس من نور

"فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ "

القرآن الكريم هو الحاكم في نزاعات المسلمين وخصوماتهم في كل الأوقات وفيه تجد الحلول المناسبة الموافقة للعدالة...

"فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" 65 النساء

العنوان أعلاه ورد في قصة محزنة هي أن أحد ابني آدم طوعت له نفسه قتل أخيه فقتله وبقيت القصة أصداءها تتردد في قلوب المؤمنين خوفا أن تتكرر الجريمة مرة أخرى،

فالقصة في القرآن لها هدف ومغزى وإعمال تربوي باقي للفائدة وليست للتسلية والترفيه،

وردت قصة ابني آدم في سورة المائدة من آية 27 ولغاية 31  "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ...فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ"

وهي تمثل غلبة عنصر الشر على جانب الخير واللين والمسامحة والتفاهم والتراضي والتوافق فكان الإصرار  ومطاوعة النفس وعوامل عدوانية ساعدت على أن قام الأخ بقتل أخيه مع سبق الترصد والاصرار بدون أن نأتي على سرد أسباب القصة فقد وردت في القرآن وشرحت في التفاسير،

وها هي اليوم عادت بصورة أبشع مما سلف تحت أسباب وتبريرات ومعاذير في ظروف دقيقة جدا على الرغم أن الحلول القرآنية والنصائح الربانية مازالت موجودة، فلا داعي للتحدي والتعدي على أمر الله وقد خاب وعاب من فعل ذلك...

لو طرحنا موضوع الاقتتال في فلسطين بين  الأخوة في السلطة والمقاومة التي صنفت أنها خارجة على القانون، وأي قانون أو ماذا يطلب منها القانون ؟ّ!

لو تم تنزيل الآية الكريمة على واقع الحال بداية فكلا الجانبين تحت وطأة نيران الاحتلال وبطبيعة الحال هناك شروط وبنود وعهود رسمية ومعاهدات والتزامات تقيد السلطة من قبل دولة الاحتلال وهي حماية القطعان، والطرف الثاني على خلاف ذلك يدافع وينافح عن حريته.

إذن غايتان لا تلتقيان وصلا معا إلى طريق مسدود ووقعا في المحذور فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله ولم تقف عند هذا الحد فمازالت نار الفتنة تستعر في الهشيم حتى تأتي على الكل بالحريق  قتل من الطرفين رجال وسالت دماء زكية من الجانبين. وهذه رغبة حققت للعدو هدفه مع استعداده لتقديم كل ما يلزم من زيت ووقود زيادة في الاشتعال هذا هو الحاصل لا ينكره إلا معاند فالعدو يتربص بكم ريب المنون للانقضاض على الطرفين في الوقت المناسب لإنهاء الأمر لصالحه بقتلكما معا...

ومن القصص التي فيها عبرة وموعظة أن غزالين في فلاة دخلا في عراك وشجار بشكل مستميت دون أخذ الحيطة والحذر مما يحيط بهما من عدو يراقب الموقف عن كثب ويتحين فرصة الهجوم والانقضاض عليهما معا وهما صيد ثمين وفي حين غفلة من أمرهما وقبل أن يسقطا أرضا كانا تحت أقدام الأسد مضرجين بدمائهما وهو جالس لجانب فريسته بعد أن سكنت أطرافها عن الحركة فتيقن أنها ماتت وخرجت روحها ...

فالنصيحة لأهلنا وهم أعرف منا بواقع حالهم... إذا انتصرت على أخيك فما انتصرت على أحد وإذا قتلته فقد خسرته وأغضبت الواحد الأحد، وانهدم جانبك الشديد وأصبحت مكشوف الأركان لعدوك اللدود

عليكم الاحتكام إلى كتاب الله "إِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"

تدخل أهل الخير والإصلاح والتحكيم فريضة لوقف نزيف الدماء فورا بأي وسيلة وطريقة كانت ولو فيها إجحاف على أي طرف كان منكم فهي أفضل من التمادي في الظلم وطاعة الآخرين.

قال الله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ..."13 الممتحنة

قال الله تعالى "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" 14 المجادلة

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق