الخميس، 25 يناير 2024

قبس من نور/د احمد محمد شديفات مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

قبس من نور

"إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثۡنَا عَشَرَ شَهۡرٗا فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ يَوۡمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ مِنۡهَآ أَرۡبَعَةٌ حُرُمٞۚ..."

هذا الآية تنبيه ولفت نظر للبشرية جمعاء فهي فرصة تفكير وفترة راحة وسلام ونقاهة واستراحة محارب من أجل لملمة جراحه وتفقد أصحابه وأعصابه وهي رحمة مهداة من الله للمؤمن ولغيره على حد سواء.....

وردت في الآية 36 من سورة التوبة{إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثۡنَا عَشَرَ شَهۡرٗا فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ يَوۡمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ مِنۡهَآ أَرۡبَعَةٌ حُرُمٞۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُۚ فَلَا تَظۡلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمۡۚ وَقَٰتِلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ كَآفَّةٗ كَمَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ كَآفَّةٗۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ}

بالمختصر المفيد اهتمام رباني بإعْمَال دورة الزمن من أجل مصلحة الإنسان وهي اختبار وامتحان والتزام بما أمر الله به الله ...هذه الدورة الزمنية محكمة من قبل الله تعالى  ليست وليدة الساعة وإنما أزلية وضعت للبشرية من يوم خلق السماوات والأرض لحكمة أرادها الله،

جعل الله منها أربعة أشهر حرم، وجاء قدرا في ثنايا هذا العام الهجري شهر رجب المحرم الذي تخوض به أمتنا حربا ضروسا مع عدوها اللدود، الذي لا يرضى وقفا للحرب التي يشنها على أهلنا في غزة وعموم فلسطين ضاربا بعرض الحائط بكل ما حرم الله، حتى سميت قديما الحرب في رجب حرب الفجار....

فالآية دعوة للسلم العالمي ...ذلك الدين القيم...له القوامة على البشرية كافة من خلال المصلحة والمنفعة العامة التي تخص المسلم وغيره بحقن الدماء ولو لفترة وجيزة زمنية وهدنة إنسانية محددة  لعل يعقبها التوافق والتصالح وراحة البشر من سفك الدماء...

طبعا هذه دعوة رحمة وشفقة من الله على البشرية، فالآيات القرآنية جاءت رأفة بالكل أن هم وقفوا عند حدود الله بفاصل زمني ولو قليلا، وإلا يكون البادي أظلم وألحق بنفسه وبغيره ظلما فادحا ...فلا تظلموا فيهن أنفسكم...دعوة ضبط وربط في هذه الأيام الحرم، وما يوم مقتلة الأحد في خان يونس ببعيد ففيها من الله أشد الوعيد....

الآن تم تمحيص الفئة التي التزمت ووقفت عند أمر الله لا تتعداه، فجاءت الدعوة إلى النفير العام لأي مسلم على وجه البسيطة أن يقف موقفا حازما مع الفئة المؤمنة والسبب قد بان وأتضح لكل من كان، أنه يراد القضاء واجتثاث الأمة من أصلها في دينها وعقيدتها وشرفها...

هذه الدعوة للنفير العام لم تأتي من فراغ جاءت ضمن الآية الكريمة ...وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة...وإلا ما كان التفخيخ ومصائد المغفلين وحفر السوء "وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه"43 فاطر...فوقع العدو في شباك نفسه فكان تدميره في تدبيره، فكانوا كأصحاب القرية "... فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا..."أبكى الله عيونهم فكان الأحد الحزين عليهم ...

وجاء حديث رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يؤكد هذه المبدأ" يُوشِكُ أن تَدَاعَى عليكم الأممُ من كلِّ أُفُقٍ ، كما تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها ، قيل : يا رسولَ اللهِ ! فمِن قِلَّةٍ يَوْمَئِذٍ ؟ قال لا ، ولكنكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيْلِ ، يُجْعَلُ الْوَهَنُ في قلوبِكم ، ويُنْزَعُ الرُّعْبُ من قلوبِ عَدُوِّكم ؛ لِحُبِّكُمُ الدنيا وكَرَاهِيَتِكُم الموتَ"

الحديث يكشف عورة أصحاب الوهن الذين تفرغوا لمتاع الدنيا وكرهوا لقاء الله بكل عزة وشموخ وشرف وشهادة ومشاركة وتعاون " فَلا تُوَلُّوهُمُ الأدْبارَ"15 الانفال، وأنتم قادرون على دفع  الخَزْي والعار،

وفي الآية إذن للمسلمين باستمرارية القتال مع عدوهم لعدم التزامه بالهدن والكف عن المقاتلة  عندها تكون المكافأة لمن التزم أمر الله وكان في معيته ونصرته وفضله "واعلموا أن الله مع المتقين"

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق