الأحد، 31 ديسمبر 2023

من هدى النبوة/د احمد محمد شديفات مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

من هدي النبوة

"... من يجدِّدُ لَها دينَها ..."

نبوءة نبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام قال "إنَّ اللَّهَ يبعَثُ لِهذِه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سَنةٍ من يجدِّدُ لَها دينَها " اسناده صحيح

البعث هو الإرسال بعد ببيان بعد غفلة في فترة من الزمان

والتجديد ضبط أمر الأمة وفق مراد الله والسنة، والبعث والتجديد بشارة بإحياء القيم الدينية وإزالة العوائق العالقة ونصرة الدين ومناصرة الحق وأهله دون هوادة ومداهنة أو نفاق ورياء حتى تبقى الأمة تسير على الصراط  المستقيم الذي أختاره لها رب العالمين...

مبدأ البعث والتجديد مادته البذل والتضحية والإنفاق والعلم والحكمة والاعتدال والتأني والصبر والتضامن والتعاون بين أفراد الأمة ككل دون استثناء ، نزولا عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "المؤمِنونَ تكافَأُ دماؤُهمْ ، وهُم يدٌ على مَن سِواهمْ ، ويسعى بذمَّتهِم أدناهُم..."

البعث والتجديد مندوحة تخص الأمة الإسلامية بالذات مما يعتري بنيتها من عاديات الزمان من تحريف وتبديل وخروج عن جادة الطريق،

فالتجديد يكون بالحكمة والموعظة الحسنة، وقد يحتاج التقويم  للشدة والمنعة...

قال الله تعالى "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"

وفي الحديث الصحيح يقول ﷺ: من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"

إذن الإخلاص عنوان البعث والتجديد ومهمته تبليغ رسالة سيد المرسلين،

قال أبو بكر رضي الله عنه "واللهِ لَأُقاتِلَنَّ مَن فرَّق بيْنَ الصَّلاةِ والزَّكاةِ؛ فإنَّ الزكاةَ حَقُّ المالِ... واللهِ لو مَنَعُونِي عَنَاقًا كانوا يُؤَدُّونها إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقاتَلْتُهم على مَنْعِها" إذن الفرائض والواجبات والحقوق والضروريات حق مكتسب للأمة لا أفراط ولا تفريط بها هذا هو الإسلام إعادة المرتدين إلى حاضرة الدين وأحكامه ....

البعث والتجديد مجالاته شتى في مناحي حياة الأمة ككل، فالبعث إعادة تفعيل أعمال الرسالة وإحياء السنة والتبليغ ، والتجديد بث وترغيب في واسع  مجال العلم والفكر والحث على السلوك والتربية الحسنة والأخلاق والحكم بالعدل بالمساواة ،ونشر السياسة الشرعية المرعية وتقديم الخدمات المجتمعية ،والجهاد ومقارعة الاعداء وأعتقد أن فترة البعث والتجديد على راس مائة سنة حَرِيٌّ للنهوض بالأمة وتجديد اعوجاجها وانحرافها لجادة الطريق المستقيم ...

فقد أورد الأمام النووي رحمه الله  "يجوز أن تكون هذه الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين ، ما بين شجاع وبصير بالحرب، وفقيه ومحدث ومفسر ،وقائم بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد..."

فهي اختيار رب العالمين لهم لهذا المقام في البعث والتجديد والله لهم معين ،عملا بحديثه صلى الله عليه وسلم "لا تَزالُ طائفةٌ من أُمَّتي قائمةً بأمرِ اللهِ ، لا يَضُرُّهم مَن خذلهم  ولا مَن خالفهم حتى يأتىَ أمرُ اللهِ وهم على ذلك"

فها هم أهل فلسطين وغزة والقدس الشريف يتصدون ويتصدرون الواجهة وحدهم في وجه أعتى وأشد وأشرس هجمة استعمارية بقيادة الصهيونية العالمية التي دمرت البلاد وقتلت العباد ومازالت تتوعد بالغدر لمن بقى على قيد الحياة...

قال الله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ"21 آل عمران

قد تكون هذه الفئة المجاهدة الآن بالنيابة عن الأمة التي كتب الله لها النصر المبين بتضحياتها بأطفالها ونساءها ورجالها وأملاكها وبكل وسائل حياتها فداء لعقيدتها وأوطانها وبعث الحياة والروح في أبناء أمتها وشعوبها فقد لهجت كل الألسن وجمعت القلوب ورفعت كافة الأيادي المسلمة للرب المعبود أن ينصرهم الله على كل من عاداهم وساعد عدوهم اللدود الذي كشفت سَوْءَته في اجرامه هو وأعوانه من هول أفعاله وإمعانه في القتل والتدمير...

وبهذا يترسخ مفهوم التجديد في أمة البعث برجوعها لدينها وإعادة وإحياء حياتها بالبعث والتجديد ونبذ كل بذور التباعد والتقاطع والتنافر والتناحر لتكون الأمة على قلب رجل واحد،

بشارة على رأس المائة لإسعاد المسلمين بالتجديد والبعث ولا يدرك وعد البشارة  إلا من آمن بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا أما غيرهم فلا،"...ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ "13 الحشر

فالتجديد والبعث سنة كونية وحاجة ملحة ضرورية حتى يغطي أكبر مساحة في حياة الأمة ويؤثر فيها فيما يعيد لها عزتها ومكانتها وتمكينها وهيبتها وتميزها بين الأمم بالعدل والحق والمساعدة والهداية وقيادة العالم نحو الرشاد والسداد ونشر الأخلاق والقيم والمساواة كما جاء في محكم التنزيل وسنة رسول رب العالمين عليه الصلاة والتسليم

قال الله تعالى "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ "2 المائدة

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق