الاثنين، 12 يونيو 2023

قبس من نور/د احمد محمد شديفات مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

قبس من نور

"... ضَیِّقًا حَرَجا ..."

هذه الجزئية وردت في سورة الأنعام آية 125

"فَمَن یُرِدِ ٱللَّهُ أَن یَهۡدِیَهُۥ یَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَـٰمِۖ وَمَن یُرِدۡ أَن یُضِلَّهُۥ یَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ ضَیِّقًا حَرَجاً كَأَنَّمَا یَصَّعَّدُ فِی ٱلسَّمَاۤءِ..."

تصوير قرآني دقيق واقع في الحياة من خلال نفسيات بعض البشر...

فشتان بين من يشرح الله صدره للإسلام ويعينه على ذلك،

وبين ضالّ مستهينا بالقدر، فصورته تلك محزنة ومخزية بذات الوقت ووضعه صعب جدا...

فالأول :- شرح الله صدره للإسلام فقلبه نابض بالإيمان بالله فلا مشكلة تواجهه مع الله،

والثاني:- أدخل نفسه بإرادته في متاهة أبعدته عن فطرته السليمة فوقع في ضيق وكرب شديد يتخبط في الضلالة بدون هداية بالمختصر تخلى عنه الله"... نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ..."67 التوبة ، فصادف حرجا ظاهرا، فأصبحت حياته في هم وغم على الرغم أنه قد يملك كامل متاع الدنيا إلا أنه فقد شيئا مهما في حياته هو عدم الأيمان بالله " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" آية 28 الرعد،

فكل ما في الدنيا زائل جمع في هذه الآية 20 من سورة الحديد "اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا..."

ننتقل إلى الصورة الغير معهودة من الضيق والحرج التي لحقت بذلك الإنسان الضال "كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ" فالقرآن نزل على قوم لم يكن لهم سبق علمي للإحاطة بتجربة يصعد في السماء وتأثيراتها وضغوطاتها وتغيراتها على حال الإنسان كل هذا دليل  الإعجاز وعالمية الرسالة الإسلامية "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ" آية28 سبأ"

فآية يصعد في السماء..  فتحت أبوابا مغلقة وأعطت شارات مستقبلية لما سيحصل من معرفة غير معروفة عند نزول القرآن فكشفتها التكنولوجيا الآن فأعطت دليلا على عظمة القرآن أنه من عند الله " وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ" آية 6 النمل،،

عندها تدرك أن أبي بن خلف وأمثاله لم يعترض على فهم يصعد وإنما أعترض على ما تدركه عقولهم فها هو يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعظم حائل [حال عليه حول سنة أو أكثر ] فقال : يا محمد ، أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رم ؟ فقال : " نعم ، ويبعثك ويدخلك النار " ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات : ( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ) فالقرآن خاطب كلا حسب معرفته وأدراكه ومعلوماته التي يدركها ويتصورها ويقنع بها،

فالقرآن رسالة عالمية تتمشى مع مراحل تطور البشرية فكلمة يصعد حقيقة علمية تحتاج إلى بيان وأفق علمي متقدم وهو ما حصل الآن، ليكون  حجة على أهل عصره كالعلماء المكتشفين كما كان حجة على المشركين السابقين، ...يتبع بإذن الله البقية

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق