الأحد، 20 نوفمبر 2022

الشيطنة/بقلم احمد محمد شديفات مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

"... الشَيْطَنة ..."

الشَيْطَنة نسبة وانتسابا للشيطان الرجيم الملعون المطرود من رحمة رب العالمين بعض الناس عن خبث أو علم أو إتباع هوى نفسه يتقمص شخصية الشيطان في أحواله وأشكاله وأطرافه وأفعاله وأقواله تقليدا وأتباعا له, فيصبح شيطانا ممسوخا مفسوخا منه، بعد أن كان الله من على عليه"... وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ..غافر64

ويبدأ الشيطان الإنساني ينحدر تاركا كرامته الآدمية وخلقته البشرية الربانية وحياته المعرفية والرسالة القرآنية والسنة النبوية ليلتحق بركب الشيطان الرجيم مطاوعة له ليتعلم منه كافة فنون البيان والتمثيل والدروس الخصوصية الشيطانية بالذات, وعندئذ لا يغفل عنه ولا يتركه الشيطان ينام حتى يتقن كافة الأعمال الشيطانية ,

فإذا أجاد الشيطان الإنساني التمثيل والإخراج في الضحك والدَهْلَزَة والهيمنة والتدليس على أخيه الإنسان أحرق القرآن ورماه في أي مكان وتناسى قدسيته وطهارته, وعقابه وفضيحته له, فإن كان ذلك كذلك يكون الشيطان الشيطاني قد أوصل رسالته وعصيانه لرفيق دربه ثم ركن واستقر باله واطمأن حاله ورضي عن زميله الشيطان الإنساني بصورته الشيطانية الحالية ،وعندها يهنأ ويستريح الشيطان الشيطاني لنجاحه وكفاحه وإغوائه وتمرده وحنكته ومعرفته وخبرته وتسخيره للشيطان الإنساني فأصبحوا وحدة واحدة متجانسة

فالشيطان الشيطاني أستطاع سبر أغوار نفس الشيطان الإنساني إتباعا وطاعة وعبادة وخنوعا وخضوعا له وانفصالا وانكسارا وتحولا عن مبادئه وعقيدته إلى مبادئه وعقائده الزائفة فهذا المسخ والانسلاخ هو الهدف المنشود للتحول إلى عالم الشيطنة انحطاطا وانحدارا إلى الدرك الأسفل في الحياتين ,واستجابة للإغراءات الشيطانية أتقاناً لعمل الشيطان والوقوع في مصائده وحبائله، وبذلك يكون هذا الإنسان الشيطاني قد أجيز وأستحق دخول عالم الشيطنة عرف مداخلها ومخارجها ودهاليزها بجدارةً وحقارة ً وأصبح ترابط وتعاون وثيق "...شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا..."الأنعام 112،

وبعد أن كان من أهل الدين المحبين لله التائبين العابدين وقع في شر الشياطين ، وصار تبعاً لهم ومتفرغاً لإعمالهم ومتخصصا في الشيطنة لا يبرحها ولا يتركها ومتعلق في شبكتها العنكبوتية لا يمل ولا يكل من المتابعة "...فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث..."176 الأعراف

فالإنسان الشيطاني شخصية مزدوجة تحمل في طياتها نفسية مختلفة عناداً ومكراً وخداعا وعصيانًا وتكبرا وطغيانا ورياء وسمعة وكفرا فهو شيطان ناري ، خفةً وسرعةً وإغواء وإعراضا يظهر للناس نفاقا حالاً وإعلانا وتقوى وصلاحاً كذبا وانحرافا في آن واحد ،"... يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ..."آل عمران 154

والأنْكَى من ذلك وأشد ما فيه العبرة والاعتبار ، إنه يخفى شيطنتهُ عن الرحمن الرحيم، المطلع على الأسرار والأفعال والأقوال والأعمال، خاصةً إذا كان ممن يعد نفسه زيفا من العلماء او أنصاف المتعلمين اسماً وتسمية ، غطاء وتورية ، فينتهي به الحال انه لا أيمان له ولا إخلاص ولا أخلاق ولا تربية ، فيصبح شيطانا مارداً هيئة وتمثيلاً وشعوذة وواقعا

والبعض الآخر من شياطين الإنس غره علمه وتعلمه ووظيفته وثراؤه الفاحش سرقة و رَشَاوَى وتقربه من ذوي الشأن ثم أستغل وجاهته ومكانته ونفاقه وتزلفه ونعمه وحشمه ونفخ في فيه الشيطان فنسى تعلقه بالرحمن والقرآن والسنة وتلبسه الشيطان في الزمان والمكان والحال وتخلى عنه الرحمن لأنه لم يعد إنسانا وإنما شيطانا رجيما مطرودا من رحمة رب العالمين(نسوا الله فأنساهم أنفسهم) فأوقعه الشيطان في ورطة لا هو إنسان ولا  هو شيطان فهو حيران كشفت حاله ومآله يلهث جريا وراء الركبان

أكرمه الله كإنسان أن خلقه من تراب وطين (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين),فأختار بإرادته السموم والحميم (والجآن خلقناه من قبل من نار السموم)وبذلك أحرقت النار ذلك الطين وانتهت الى غير رجعة حياة كل الشياطين الى قبور وثبور وإن عاش وتنعم في أفخر البيوت والقصور، "...أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا..."مريم 83

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق