الخميس، 5 يونيو 2025

قبس من نور /د احمد محمد شديفات مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

قبس من نور

"فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ"

ها هو عرفات جاء ذكره في القرآن الكريم مستودع الإفاضة إفاضة الخير والبركة والرحمة لكل العباد في صعيد واحد ودعاء وتلبية لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ....

كلمات أفاضت معاني جليلة مليئة مضيئة بها تحركت أفواج الحجاج كالأمواج الزاخرة بفرحة المغفرة والرضوان بدون حرمان بمشيئة الرحمن فلا يأس ولا بأس ولا قنوط...

ولا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج............

يوم عرفه يوم المباهاة بنزول الرحمن على عباده ليباهي  بهم الملائكة المقربين ثم يشهدهم على الجمع من المؤمنين أنه قد غفر لهم ولمن استغفروا له من المسلمين هذا كرم رب العالمين أن يحقن دماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ويدفع عنهم شرور الظالمين،

 وفي مسجد نمرة حيث الحشد العظيم بالتكبير والتهليل والتحميد والتعظيم لله رب العالمين مع خطبة وصلاة جمع الظهر والعصر للمسلمين تخفيفا وتيسيرا،،،،،

ومن فوق تلك الصخرات في جبل الرحمة حيث وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال :-

ها هنا وقفت وعرفة كلها موقف من باب التيسير والتخفيف ثم علم الناس الدين عندما قال خذوا عني مناسككم أنه الحشد العظيم الذي يذكرنا  بياض ما يلبسون على الطهارة والنظافة والنقاوة والتقوى بين يدي رب العالمين في أهم معلم من معالم الحج عرفة لا تغيير ولا تبديل هنالك خشعت الأصوات ورفعت الأكف بالدعوات والحاجات وطلب الرحمات ولهجت الألسن على اختلاف لغاتها ولهجاتها وصدحت الحناجر بالتلبية والتكبير والتعظيم لله، ودمعت العيون خشية من الله وبحت الأصوات وحشرجت العبرات ورفعت الأيدي  إلى رب السموات والأرضين وأعلنت التوبة على ترك الزلات، وأخذت العهود والمواثيق مع الله بهجران المعاصي والذنوب،

 يوم عرفة ليس كأيام السنة فهو أفضل أيام الدنيا وأزكاها فيه ذكريات من هنا مر الرسول صلى الله عليه وسلم وهنا وقف وهنا دعا للمسلمين  بصحبة أصحابه رضوان عليهم  أجمعين في حجة الوداع وأشهدهم أنه قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزغ عنها إلا ضال،

ثم أشهد الله فقال اللهم إني بلغت اللهم فأشهد وليبلغ الحاضر الغائب...

لقد بلغتنا  يا رسول  الله الرسالة جزاك الله عن هذه الأمة خير ما جزى الله نبيا عن أمته،

يوم عرفة يوم  دعاء وإجابة وشفاعة للحجاج والمقيمين  امتثالا  لأمر لرب العالمين أدعوا وأنتم موقنون بالإجابة وأروا الله تنافسكم في هذا اليوم العظيم، لقد أكتسى عرفات ببياض التوبة وأنوار جبل الرحمة سهله وواديه ببهجة ولون عطر الياسمين برجال ونساء وأطفال طلبا للتوبة والغفران،

قَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:-

 " خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي:-

 لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "

هذه هي رسالة التوحيد لكافة الأنبياء والمرسلين من عهد آدم إلى خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل ....

وتستمر الإفاضة بموقف مهيب بكل خشوع مع إشراقة صباح يوم عرفات حتى المغيب  وينتهي عرفات كما بدأ بالمغفرة والرضوان "رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ "

تلك هي الحياة في معية يوم كامل مع الله من  بزوغ طلوع شمس عرفة حتى غيابها والألسن تلهج بالدعاء والعيون تدمع بالبكاء والقلوب خشعت  للرحمن ومع غروب شمس عرفة خلا الجبل من سكانه وبقي جبل الرحمة مكانه وودع حجاجه ليستقبل عام جديد  من زواره

ثم تصحب الإفاضة موكب الحجاج بالاستغفار  نحو المشعر الحرام ما بين قوسين " المزدلفة" والازدلاف هو الوقوف والتقرب لله إجلالا وتعظيما ومهابة وخشوعا وأداء  مع فريضة المغرب والعشاء جمعا والمبيت في مزدلفة  أو قسم من الليل والتقاط حصى الجمرات منها كما فعل صلى الله عليه وسلم ...

{{...فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ۖ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ...}}

يوم كله رحمة ومغفرة ورضا من الله ورضوان على عباده الحجاج الذين أتوا من كل فج عميق هذا هو هدي الرحمن الطريق المستقيم ....مع القبول والتكريم للحجاج من رب عظيم.

وقال صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن صوم يوم عرفة ويستحب للمقيم،

قال: يُكفِّر السنة الماضية والباقية" وهذا من باب مضاعفة الخير وتكريما للمؤمنين

دعوات كل الحجاج والعمار والمسلمين لأهل غزة وعموم فلسطين  أن ينصرهم ويثبت أقدامهم ويرحم شهداءهم ويطعم جياعهم ويكسي عريانهم ويخفف محنتهم ويهزهم عدوهم أنه نعم المولى ونعم النصير

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق