الخميس، 6 فبراير 2025

قبس من نور/د احمد محمد شديفات مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

قبس من نور

"... كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ..."

هذه صورة ليست نادرة وإنما دلت عليها كلمة تفيد التكرار "كلما " مرارا وتكرارا، وقد وردت هذه الآية 64 من المائدة "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ... كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"

فالحروب عادة نوع من الضروب القاسية يقال حرب ضروس شديدة الوقع على النفوس، وحتى الكلمات التي تناولت موضوع الحروب فيها شراسة منها نزاع مسلح وصراع دائم واللجوء إلى القوة، قتال ومقاتلة، ونار الحروب...الخ

هذه الآيات وردت في أهل الكتاب المشار اليهم بالآية بالذات وليس لغيرهم، وهي دليل على الشر والعدوان المتأصل فيهم ، وعادة النار عدو للدود للإنسان، فهي تأكل الأخضر واليابس فإذا انتشرت النيران لا يقدر الإنسان على إخمادها وإطفاء حريقها ولظاها وها هي النيران الآن تشتعل في مدن أمريكية بفعل الأعاصير التي تسوقها الرياح ووقف الإنسان عاجزا غير ناجز بما يملك من تكنولوجيا من حصرها ووقفها ،

فكيف بالله عليك بمن يوقدها ويسعر لهيبها ويحَمْيِها بكافة الوسائل المتاحة صحيح أن الحروب السابقة ليست بمثل هذه الأيام تعتمد النيران والحمم الملتهبة والقذائف والقنابل المشعة والنابالم المحرق...

فالتمثيل في الآية القرآنية جاء في معرض حروب اليوم وفي صفة قوم مذكورين بالذات من عادتهم تكرار افتعال أسباب الحروب والإفساد في الأرض مما يكون له أثر على البيئة والحضارة والإنسان نار- وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ – 24 البقرة

فهم متضامنون ومتعاونون وهذا ديدنهم سَعّارِينَ للنار فهم وراء كل مشاكل الأمة العربية سواء في السودان بعد التطبيع وسد النهضة بعد مد يد المساعدة إلى أثيوبيا في كل المجالات وفي ليبيا في تغذية الصراعات وطلب رضاهم للتطبيع وفي تونس وعدم ممانعتها من التلويح بالتطبيع

فالمتطرف والمسالم  منهم مسلح أو متحصن في القلاع ونيتهم والقتل الممنهج  لا فرق بين رضيع وشيخ كبير أو أنثى وطالب تعليم وطبيب معالج ومسعف منقذ لمريض، ولا تنسى التدمير الذي طال البنية التحتية حتى كشف المحذور من المياه الآسنة والقاذورات ولم تسلم منه مقابر الأموات فقد كشف العورات حتى أصبح فريسة تنهشها الكلاب الضالة، وتدمير المستشفيات والجامعات وقتل أساتذتها العلماء ودمرت المدارس والمساجد والكنائس والبيوت على رؤوس ساكنيها ولم تعد الحياة تصلح لشيء على أرض أوقدوا النار عليها وأحرقوها بخيامها وزروعها وناسها حتى تفحموا ...لهم مصير بمثل ما فعلوا "إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ"10 البروج

جمع هذا الوقود المتعدد المصادر المتنوع الفتاك أسلحة نار فعلا غير معهود نار تَلَظَّى بمعنى لهب خالص متوهج بألوان مختلفة على أثر القنابل الفسفورية والعنقودية والحانقة والمحرقة التي تلتصق بالجسد فتحرقه حتى الموت، أوقدوها هم ومن تبعهم وساعدوا على إيقادها من أجل ماذا؟!

قال الله تعالى "وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ" 7 البروج

إذا شب وقود النار وأشتد سعيرها لا يخمد لهيبها إلا الله -أَطْفَأَهَا اللَّهُ - كم ندعو الله ليلا ونهارا إطفاء تلك الحروب القاسية والجرائم غير المنظورة والقتل والتدمير وهم يزيدوها اشتعالا ويتوعدون ويهددون باستمرارها وعدم إيقافها ، كل هذا إفسادا في الأرض، وتأييسا لهم وقنوط فإن الله لا يحب المفسدين...

والنارُ تأكل كل شيءٍ ... مثلَ أولادِ الحرام "الشاعر البردوني"

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق