من هدى النبوة/د أحمد محمد شديفات روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

من هدي النبوة

"اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ "

من غرائب وعجائب الدعاء، دعاء مختصر تربوي تعليمي فيه جل المعاني في ألفاظ معدودة يعلمنا بها رسولنا الكريم عن طريق زوجه :-

{{عَنْ عَائِشَةَ أم المؤمنين رضي الله عنها

أَنَّهَا قَالَتْ :-

يَا رَسُولَ اللَّهِ ،،،،،،،

أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟؟؟؟؟؟؟

قَالَ: " تَقُولِينَ :- اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي""""""" مختصر مفيد بدون تطويل

حديث شريف فيه جواب في منتهى الدقة والأعجاز البياني والفهم والإدراك لمعنى كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ،،،،،،،،،،،،،

أولا :- اهتمام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وحرصها على الدعاء وخاصة في ليلة القدر،

ثانيا :- مرجعية السؤال الرسول صلى الله عليه وسلم ،

فهي تعرف أنه :-

{{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ*عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ}}}

ثالثا:- هذا الهدي والتوجيه النبوي للسيدة عائشة للأمة تعليم وتربية لكل فرد من أفرادها،

رابعا:- السؤال وإن جاء عفويا إلا أنه صادف زمانه ومكانه وهو يتكرر مع كل رمضان ،مما يجعل فيه الفضل  يعود على المسؤول والسائل على طول الزمان، فهو أثر طيب.....

خامسا:- دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم فيه مسحة إيمانية وإجابة ربانية يقينية، واطمئنان  لقلب كل مؤمن فالكل يطمح بهذا كونه يدعو بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم .

قال الله تعالى {{ لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا }}

إذن دعاؤه صلى الله عليه وسلم تشريعي تعليمي تربوي ليس كدعاء بعضنا البعض...

قد كان من أراد مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم يقدم صدقة لمكانته ورفعته وعظمته عند الله ثم نسخ هذا الأمر وبقي الإجلال والاحترام لرسولنا عليه الصلاة والسلام

{{( إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً }}

صلى الله عليك يا رسول الله ما أعظمك؟ نفديك بأنفسنا وأهلينا وكل ما نملك,

{{{بعض مشتملات ومحتويات هذا الحديث من الخير الكثير}}}}}

منها على سبيل المثال لا الحصر والبيان دلائل وبشائر تفيد كل إنسان :-

أولا :- أن الحديث وجه بطريق السؤال من أقرب إنسان وهي زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حتى تعم المنفعة كل المسلمين.......

ثانيا :- أدب في توجيه السؤال إلى حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم، من أم المؤمنين إلى الرسول؟؟؟

فقالت رضي الله عنها "يا رسول الله" فقد عدلت عن كل الألفاظ،

ودعته بالرسالة الربانية " يا رسول الله"،

وهذا من باب الثناء والتكريم والتعظيم والرفعة بحق الرسول صلى الله عليه وسلم.

ثالثا :- من لطفه وكرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم، قال لأمنا عائشة رضي الله عنها " تقولين" ثم جاء على ذكر الدعاء، تربية نادرة فيما بين الزوجين وحسن المعاشرة والملاطفة....

ثالثا :- كلمة "رأيت" توحي رؤيا العين أو القلب أو التجليات الإلهية أو النفحات الربانية على المؤمن في ليلة القدر فحتى لا يفاجأ المؤمن بما يدعو إذن عنده الاستعداد بما يدعو به سلفا...طلب العفو من الله، وإذا حصل العفو أصبحت في رضا الله وحمايته .

رابعا:- السؤال محصور برؤية ليلة القدر وتحديد الدعاء المطلوب بها بالذات، فكان التوجيه النبوي وفق هيبة الليلة ومكانتها وعظمتها وما فيها من أمر وسلام، فهي تنتهي بالفجر، فالدعاء الأفضل ما جاء وعلمنا إياه رسولنا صلى الله عليه وسلم.

خامسا:- يظهر أن ليلة القدر هبة ومنحة وعطية ربانية للعفو عن الخلق،توافق  المؤمن في رمضان، فهي تأتي قدرا من الله على من أحبه الله، وهم المؤمنون إن شاء الله,

{{{{مكانة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم قال :-

تقولين :-

{{ اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ .......

كَرِيمٌ .........

تُحِبُّ الْعَفْوَ.........

فَاعْفُ عَنِّي }عفو، كريم من كريم، فالله عفو يحب يا الله أعفونا عنا وعن المؤمنين...

يا سلام ما أجمل مضامين الدعاء، حتى تعرف أنه كلام الرسول صلى عليه وسلم ليس ككلام أحدنا

بدأ عليه الصلاة والسلام بالنداء بأفضل الأسماء إلى الله التي لا يشاركه بها أحد من خلقه وهو  " الله "

اللَّهُمَّ :- أصل الكلمة الله وجاءت الميم بدل النداء، فإذا دعوت فادع الله فهو من الأسماء الحسنى

ثم يأتي بالدعاء أسم جليل آخر من أسمائه جل جلاله "العفو" أي الذي يعفو عن الذنوب والسيئات والآثام والزلات وكل ما يحصل من الإنسان من تقصير في حق الرحمن كل ذلك بيد الله وعفوه وكرمه, وبذلك إقرار واعتراف ومرجعية لله من المؤمن.

إذن العفو من الله،

لماذا؟؟؟

لأنه جل جلاله يعرف ضعف الإنسان ،فالله أهل للعفو والصفح  للمؤمن فدعوا الله  بهذا الدعاء الكريم.

والجانب الاخر :- تعليمي تربوي فالحديث يشحذ الهمم على الصفح والتسامح بين الخلق، فيامن تطلب وتحب أن يعفو الله عنك بادر أنت امتثالا وطاعة ومحبة لله ورسوله خاصة في شهر رمضان

"فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ " عمن أساء إليك

فوائد أشتمل عليها الحديث :-

الفائدة الأولى :- السؤال جاء من قبل العنصر النسائي مما يدل على اهتمام كافة المؤمنين بأمر الدعاء والسؤال فيما ينفع المسلمين....

الفائدة الثانية :- الواجب في الدعاء أن يتضمن اسم من اسماء الله تعالى أو صفة من صفاته

قال الله تعالى:-

{{{ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ}}}}

الفائدة الثالثة :- زبدة الكلام ما قل ودل  وأتى على المقصود، فلا تستهن بهذا الدعاء في كل حين وزمان قبل أن يدركك فوات رمضان...

{{ كدُعَاءُ ذِي النُّونِ قال: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ"

الفائدة الرابعة :- إذا نلت العفو من الله فأنت في منتهى السعادة والغفران والرضوان والقبول في الدنيا والآخرة، فهو عفو عام شامل للدارين..... برحمة رب العالمين،

تقبل الله صيامكم وقيامكم ودعاءكم وصدقاتكم  وجعلكم من عتقاء شهر رمضان أنتم وأهليكم ومحبيكم ...

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن