بعد الفراق الأول
أشعل فتيلاً من الحرب داخلي،
أصعد متن المأساة، استعدادًا للسفر؛
السفر الذي يبدو فراقًا أول، بعد انتهاء إجازة فرحة العمر.
أضع قلبي بعيدًا، يحتضر هناك،
أزاحم المارة في السير، دون ضبط السرعة ومقياس الخطوات.
لم ألتفت للخلف قط،
أدفعني للأمام بعجلة النسيان،
تحركني اللاشعور، تاركًا خلفي ألم الفراق ودمعة وداع.
أفقد حواس التحكم والإرادة،
ترافقني اللاحواس،
فقط عبوس الملامح يشير إلى أن حزنًا ما يبدو بمعيتي.
صباح يوم السفر، أيضًا، كنت أمشي بخطىً ثقيلة،
بعد آخر تلويحة وداع، وذرف دمعة بائسة سالت بغير قصد.
ليل البارحة كان أشبه بمزيج فرحة أليمة،
إلى أن كان العناق الأخير... فراقنا.
أحمل حقيبةً على ظهري، وأمضي بي متشردًا،
أكابد الوجع الذي بداخلي، محاولاً التلاشي،
والظهور المتألق الذي يبدو -كالعادة- في كل المرات،
إلا أنني لم أتقن الدور في تقمص ذلك،
بينما أبدو في شرودٍ تام أثناء الرحلة،
وبينما أنا أعيد مرارًا وتكرارًا المحاولة
أن أستجمع قواي، وأتقبل فرض الواقع كضرورة حتمية،
إلا إنني أُسعَّر في جحيم، مفضلاً إزاء ذلك موتًا مريحًا.
وحتى اللحظة،
لا مكان، ولا أصدقاء،
أرى فيهم -كما يحلو لي أن أرى-
وصلاً يجمعني باللقاء مع من أحب،
ومن حاز سموّ المكانة الرفيعة، والمقدسة في القلب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق