الثلاثاء، 22 يوليو 2025

من هدى النبوة /د احمد محمد شديفات مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

من هدي النبوة

"... أَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ ..."

 عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-

أَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ ...

أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ ...

فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى"

لابد من معرفة ألفاظ غريب الحديث الغير دارجة لنبدأ بكلمة :-

المفردة الأولى :- أيما كلمة مركبة من "أي" و "ما" وهي أداة شرط تدل على العموم أو الشمول وتستخدم لربط جملتين بحيث تكون الجملة الثانية نتيجة للجملة الأولى كما في الحديث فالجوع نتيجة إهمال أهل العرصة بعدم اهتمامهم بجوع أهل محيطهم ...

المفردة الثانية :- عرصة كلمة غريبة غير مستعملة تفيد معنى الساحات الواسعة الفاصلة ما بين البيوت التي لا بناء فيها وبها يلعب الصبيان ويمرحون...

وأهل العرصة الأحياء السكنية المتناثرة على أطراف تلك الساحات المتباعدة وبهذا لا يعتبر التباعد عذرا لأحد أو حجة  في عدم إطعام الجائع رغم تلك المسافات أو الساحات المشار اليها فالجوع في الحديث النبوي ليس مسؤولية فردية كونه كارثة عمومية شمولية في بلد مسلم ظلم ظلما لا مثيل له، فالحديث دعوة للتضامن والتكافل والإيثار على جناح السرعة ...

ولكن كيف بأهل العرصة وقد قرأوا حديث نبيهم عليه الصلاة والسلام ومع هذا تمادوا وتغافلوا ومنعوا ما لديهم من طعام وشراب وهم يرون أهلهم  يتضوؤون جوعا ويسمعون شكوى أنينهم بآذانيهم ويرونهم وقد غارت عيونهم في محاجرها وهبطت أمعائهم خاوية في جلودهم وعظامهم بانت من وراءها تعدها عدا وخارت عزائمهم وقواهم ولم يستطيعوا الوقوف على أقدامهم  

وزيادة في الإمعان والإصرار والمكابرة أن أهل العرصة بأيديهم سدوا كافة المنافذ والسبل والطرق ومنع إيصال الطعام والشراب والدواء وغضوا أبصارهم وخلت القلوب من الرحمة وعاشوا في ترف وتخمة وهاهم موائد طعامهم تسجيل بأسمائهم في موسوعة غينيس للأرقام القياسية في الإسراف والتبذير بأطول المعالف المترعة بما لذ وطاب وإخوانهم يموتون جوعا لا يجدون ما يأكلون حتى  أكلوا فتات أوراق الشجر والنفايات الممجوجة ...قال الله تعالى "وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا" 23 الفرقان

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق