بسم الله الرحمن الرحيم
قبس من نور
"... خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَـٰهِلِینَ ..."
هذه الآية 199 من سورة الأعراف والمقصود بها السور والحاجز العظيم بين الجنة والنار، والمعلوم هذا لا يكون إلا بين حق وباطل...وقيل أنها نزلت في مكارم الأخلاق
طبعا هذه الكلمات المعجزة آيات بينات لا يأمر بها إلا الله فهي قواعد تربوية ومنهجية حياة وسلوك توافق الفطرة السليمة دعا اليها القرآن الكريم وأرست قواعدها السنة النبوية ضد منهج قصرت هِمّة البشر أن تأتي مثله...
من خلال متابعة شاشات التلفزة والأخبار العالمية وحصول بلبلة من استهجان وسخرية وامتعاض من عدم مصافحة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك مما أثار استغرب وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو الذي تم مصافحته دونها ....
للعلم هذا درس لهما معا وللعالم يوحي أن للمسلمين مبادئ وقيم وأخلاق وأعراف سامية نادى بها الإسلام...
فالإسلام ند قوي لا يضعف أمام مطالب الآخرين ولا يستجدي من أحد مهما كان فهو في عزة ورفعة واحترام وإجلال للمرأة أيا كانت فلا يسمح لاحد أن ينال منها أو يلمسها وجسدها بأي طريقة أو سبيل؟
نحن لا نبحث عن سيرة الآخرين وأخلاقهم الخاصة بهم فهم بشر اختاروا لأنفسهم تلك الأعراف الاجتماعية فالوزيرة أنالينا بيربوك كانت متعالية جدا حتى في منطوقها التهديد والوعيد وعدم الاحترام وطريقة لباسها المخزية المتردية عن الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها عالميا ولو نظرت للماضي القريب لها وما كتبت عنها الصحف وخاصة بلادها صحف فقد بنفسه مع مكانتها وتمثيلها دولة تعتبر متقدمة نزلت للحضيض الجنسي الذي لا يليق بالعاهرات ومع هذا تم استقبالها من أناس يحترمون أنفسهم، ولكن أصحاب النفوس المريضة الذين يلهثون مع اللاهثين استعظموا عدم المصافحة لها وهاجوا ولاجوا ...
لأول مرة أقدم الموضوع على المقدمة، فلو عدنا إلى الآية الكريمة ذات العلاقة ، فقد أسست قواعد يتم عليها بناء أخلاقية المجتمع المسلم وأفراده فهذه الآية جاءت في معرض الانتصار وعنوانه العفو لا الانتقام إلا ضمن منظومة منتظمة في حدود الجرائم والأمور غير المعتادة ...
فقد سجل القرآن الكريم حالة فريدة عن نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام تتلى في كل آن في العفو والصفح عند المقدرة عن أخوته بالذات "قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"92
أما موضوع العرف وهو من مشتملات المعروف بالاتساع والارتباط وهو ما تعرف عليه الناس واستحسنته الشريعة وعملت العادات والتقاليد الحميدة وفق مبادئه، وهذا ما جاء في الحديث الصحيح عن رسول هذه الأمة محمد صلى الله عليه وسلم "بُعِثتُ لأُتَمِّمَ صالِحَ الأخْلاقِ" التي جبلت عليها فطرة الإنسان من المروءة والوفاء والحياء والستر والعفة ويرتقى في درجاتها خاصة في جانب المرأة الشريفة العفيفة....
والحرية للأسف عند بعض الغوغائيين الحمقى هي الانفلات والسخرية من تربية الدين للناس المسلمين " إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ "15 النور
وقديما قال الشاعر على جاهلية المجتمع الذي يعيش فيه الذي لا يخضع لمنظومة تربوية أخلاقية خاصة وإنما تحكمه الفطرة ودعته مروءته لذلك فقال :-
وأَغُضُّ طرفي ما بدَتْ لي جارَتي حتى يُواري جارتي مأْواها
إني امرؤٌ سمح الخليقة ماجدٌ لا أتبع النفس اللجوج هواها
ومن الآداب التي وردت في متن الآية وعرضت في كلمات معدودات موجزات قامت كل كلمة بواجبها على أكمل وجه وختمت " وأعرض عن الجاهلين"
أعراض بطريقة مؤدبة يكفي فيه نظرة أو لفتة أوتحريك وجهك ناحية أو إغضاء طرفة عين هذه هي الأعذار عما بدا منك أو تحاول الآتيان يامن تجهل تربية الأديان أو تربيت على غير حسن الأخلاق
أي قرآن هذا الذي يعلم الإنسان كل هذه الآداب:-
خذ العفو من الله يعطيك جائزة العفو سلفا ثمينة مقابل عفوك عمن ظلمك، فأنت صاحب العفو وأجرك على الله،
والأدب الثاني فتح باب العرف لك أيها المسلم وأفسحه أمامك بما يتفق وشرع رب العالمين فتحه على مصرعيه فالمجتمع له عاداته وتقاليد ومعارفه وأصحابه ولباسه يختار ما يشاء ضمن منظومة منظمة متفقه عليها "وفي نفس السورة آية 26 "يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ" حتى إذا ارتقى بالمؤمن زاده الله"وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ" 26 ثم في الآية التالية في الأعراف 27 "يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ..."فاللباس حشمة وهيبة وزينة للمرأة وستر ...
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق