بسم الله الرحمن الرحيم
قبس من نور
"... فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ..."
الله أكبر ما أعظم القرآن كتاب فصلت آياته تفصيلا ، ما علاقة بيئة الصحراء التي ولد في أكنافها محمد صلى الله عليه وسلم ، ونشأة الأعاصير التي عادة ما تتشكل في مناطق لم تكن معروفة لدى أمة تعيش البادية لا صلة ولا معرفة ولا قرب في المسافات بين كثبان رملية إلى مياه المحيط الأطلسي والبحر الكاريبي وخليج المكسيك والمحيط الهادي حيث تتكون الأعاصير وتتحرك ومن المستبعد المقاربة بين بيئتين بيداء العرب في الربع الخالي حيث الجفاف والسراب وهناك رطوبة ومياه المحيطات والأعاصير...
إذن القرآن أورد الإعاصير في معرض التدمير والحريق في سورة البقرة آية 266
"أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ " رسم بياني وأمل إنساني ورغبة في بناء مستقبل قائم على تلك الحياة والرفاهية والمناظر الخلابة التي يتمناها كل البشر للعيش فيها...
بعد نمو هذه الصورة والحياة كلها صور سريعة التقلب تأتي صورة مفاجأة على النقيض من الأولى صورة رجل عجوز طاعن في السن في حياة كلها جنان وأنهار شقي من أجلها وتعب والآن وهو الآن في خريف عمره وآخر أيامه إيامه له ذرية ضعفاء وتأتي المفاجئة والعجز ويبدأ الخلل يتسرب إلى الجنة إما بسبب النكران وجحود النعمة وكفرانها أو الفسق أو الرياء أو المن والأذى، وهكذا تأتي الآيات التي سبقت هذه الآية بالشرح والإشارة والتنبيه والحض على الأنفاق بدأ من حبة أنبتت سبعمائة حبة إلى جنة في ربوة عالية أصابها وابل مدرارا أو ندى لطيفا أو رذاذ مطر خفيفا...
ولما تغيرت النيات وتزاحمت السيئات وغلبت المصالح الذاتية وحصرت النعم في فئة قليلة واختلطت المكاسب والمشارب الحرام وكان هم الكل العيش لذاته وتعلق البشر بالنعم وقدسوها ونسوا المنعم وأصبحت الحياة روتين عبارة تتكرر كل يوم ويزداد اللهو واللعب ...
هذا عرض سريع ما جاء في الآيات التي سبقت الإعصار، إذن ما هو هذا الإعصار ينشأ الإعصار عادة إما بسبب الحرائق الناتجة عن الحرارة وشدة جفاف الغابات مما يسبب سرعة الاشتعال أو عندما يسخن الهواء الملامس سطح مياه المحيطات مع تكون البخار الدافئ المتصاعد مما يشكل منطقة ضغط منخفض ثم ترتفع هذه المكونات مع الهواء إلى ضغط مرتفع أعلى فهذه الجزئيات تتداخل مع عوامل أخرى كالرياح الشديدة العاتية وتحرك هذا الخليط بشكل لولبي سريع الحركة وإذا كانت ممطرة يتدخل الرعد والبرق وينبثق عن ذلك شرارة كهربائية إما صاعقة أو حارقة للشجر والحجر والبشر في حالة الجفاف، ومن دقت الوصف القرآني للإعصار- إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ- هذا الإعصار فيه ما ذكرنا من جزئيات تركيبة لا يقدر عليها إلا الله فكل ما صادف الإعصار يأتي عليه الاحتراق التام وآثاره على الأرض وتسممها والإنسان والاختناق بسبب نقص الأوكسجين...
إذن الآيات الكونية المذكورة آنفا ترتيب رب العالمين وتحريكها بأمره في الزمان والمكان مما يظهر عجز الإنسان في أحسن بيان ...
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق