بسم الله الرحمن الرحيم
قبس من نور
"... قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ..."
هذه الآية :-" وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ..."30 سورة البقرة، للعلماء فيها تساؤلات كثيرة منها على سبيل المثال كيف علم الملائكة ذلك قبل مجيء البشر، أو أن الله أعلمهم بذلك، أو استنتاج ممن سبقوا إلى الأرض...
هذا الأمر ليس موضوع بحثنا، وسنبحث ما يرافق طبيعة الإنسان من ممارسة أعمال الفساد وسفك الدماء الممتدة سابقا وللآن من فئات بشرية تقوم أفعال إجرامية مخالفة النواميس الكونية،
من مسلمات الخلافة البشرية أنه كلما ذهب جيل جاء جيل آخر يخلفه في عمارة الأرض وإدارة شؤونها، وهذا يستلزم العيش ضمن مجموعات منضبطة وفق فطرته وزيادة في ذلك أنزل الرسل للهداية وفق منهج صحيح، فالإنسان ليس حرا يفعل ما يشاء كيفما يشاء وقت ما يشاء وإنما حريته ضمن ما يحقق العدالة ويحفظ حقوق الآخرين بما أوتي من عقل وفكر فهو يختار سبيل النجاة أو الهلاك بإرادته، ولو تركت الحياة فوضى تحت وطئت الظلم والفساد وسفك الدماء لأصبحت لا تطاق فلا بد الأخذ على يد المجرمين، فحتى الأمم البدائية سعت بفطرتها لتنظيم حياتها ومنع الطغيان ففي الجاهلية قبل الإسلام سعوا لمثل هذا في...
حِلْفُ الْفُضُولِ فِي شَهْرٍ حَرامٍ تَدَاعَتْ إِلَيه قَبَائِلُ مِنْ قُرَيْشٍ: بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، وَأَسَدُ بْنُ عَبْدِ الْعُزّى، وَزُهْرَةُ بْنُ كِلابٍ، وَتَيْمُ بْنُ مُرَّةٍ. فَاِجْتَمَعُوا فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ التَّيْميِّ لِسِنِّهِ وَشَرَفِهِ، فَتَعَاقَدُوا وَتَعَاهَدُوا عَلَى أَلَّا يَجِدُوا بِمَكَّة مَظْلُومًا مِنْ أهْلِهَا وَغَيْرِهمْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ إلّا قَامُوا مَعَهُ وَكَانُواْ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ حَتَّى تُرَدَّ عَلَيْهِ مَظْلَمَتُهُ وَشَهِدَ هَذَا الْحِلْفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ ، وَقَالَ بَعْد أَنْ أكْرَمَهُ اللهُ بِالرِّسَالَةِ: «لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أَحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ، وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلاَمِ لَأَجَبْتُ" فهذا أول عقد اجتماعي وتعاهد على نصرة المظلوم.
إذا كانت هذه حالة الجاهلية الأولى بهذه الصفات فكيف بجاهلية القرن الواحد والعشرين؟؟؟؟التي لا تراعي ذمة ولا خلق ولا ترعوي عما تفعل هي ومن معها....
زمن اليوم كثرت فيه المنظمات الدولية والإنسانية والاجتماعية والجمعيات الأممية والمجالس الأمنية ومراقبة ووقف النزاعات، ومع كله يعتبر زيف وتدليس وتمثيل فلا تجد أدني معايير احترام للإنسانية التي تقدر وتحرم الكلاب الضالة أكثر من أفراد البشرية، ومع هذا تجد دول مارقة كثيره متقدمة مدنيا وحضاريا وثقافيا ليست دولة واحدة وإنما دول لا يحكمها لا فصل سابع ولا يمنعها مجلس أمن ولا جمعية عمومية ولا محاكم دولية تفسد وتسفك الدماء البرية التي لا ذنب لها من أجل فقط أطماعها الاستعمارية
إذن ماذا تقول وتتوقع ؟ في مثل هذا الخلل الواضح للعيان فتلك الدول الراعية لتلك المؤسسات المذكورة آنفا هي من ترعى الإرهاب الدولي وتشجعه وتمده بجميع أنواع السلاح والغريب العجيب تراهم على شاشات التلفزة ممثليهم يفركون أيديهم وينطقون كذبا وزرا ويخفون الحقيقة ويدلسون ويظهرون الحزن على بشاعة الجرائم التي يندى لها الجبين إلا هم بالذات ووجه كالحة...
فكلمة سفك الدماء تعني قتل الإنسان أخيه بدون ذنب طفلا أو امرأة أو شيخا أو مريضا أو معاقا قتلا غير مبرر ومنه سفَّك الدَّمَ: أي بالغ في إسالته وإراقته، وسَفّاك صيغةُ فَعَّالٍ لِلْمُبَالَغَةِ ، فالسَفّاك هو من يَسْفِكُ الدِّمَاءَ قَتْلاً أوْ تَعْذِيباً، ومنه السَّفَّاحُ وما أكثر السفاحين وأعوانهم اليوم أعمى الله أبصارهم وختم على قلوبهم" لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ" 196 ،197 آل عمران
أليس هذا هو الفساد بعينه وأي فساد أعظم منه على وجه الأرض حرق للبيوت وردمها على ساكنيها وتكسير المعدات الطبية للمستشفيات واعتقال الجهاز الطبي والإجهاز على المرضى وهدم المدارس وقتل الأطفال وتشريدهم وذبح المصلين في مساجدهم بين يدي الله حتى لم يبقى مكان آمن يأوي اليه الناس؟ "لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَّوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ" 57 التوبة، فالعدالة الربانية تقتضي إلا يفلت أحد من هؤلاء من العقاب وسيطال من هادنهم وغض النظر عنهم من ارباب الإمبريالية العالمية وأذنابها...
سفك الدماء الذي ورد في علم الله قبل وجود الإنسان وأثار استغراب الملائكة الكرام ها هو اليوم أصبح حقيقة ودعوة تطرح في أجمل الأفلام وينادى على تطبيقها إذن ليست خيالا وإنما واقع حال ومآل في عالم اليوم في بلدان شتى فيلم "التطهير" تعرض أحداثه في الولايات المتحدة الأمريكية تم إنتاجه سنة 2022 عرض فيه مشاهد للقضاء على مظاهر الفقر والبؤس التي تعكر الحياة من هذه الطبقة الفقيرة بالذات البائسة التي تشوه واجهة المجتمع العالمي ،طبعا للفلم أبعاد ومرامي تفهم تلميحا ...العرض التطهيري التخيلي هو أن يتاح للشعب الأمريكي مرة في كل عام ولمدة اثنتي عشر ساعة إمكانية تفريغ شحناته السلبية الانتقامية – وقد أتيح له في مواقع كثيرة في عالمنا العربي وغيره تطبيقه مرات كثيرة وممارسات فعلية انتقامية اجرامية وحقد وحسد وبغضاء وعنصرية من خلال ممارسة كافة أشكال الجرائم من خلال قتل أي إنسان بدون ذنب واقتحام وسرقة أي بيت ونهبه والدولة تساعد على هذا الانفلات الأمني بأغلاق المراكز الأمنية وأغلاق المرافق الخدمية ومنع الإسعاف والمستشفيات وقطع الاتصالات خلق فوضى، هذا من أهداف نشر تلك الثقافة التي فعلوها في بلادنا وعندهم مجرد خيال عود للذاكرة المسجلة عن سجن أبو غريب وبلاك ووتر الأمنية وفضائحها في أرض الرافدين والآن التكتم والسرية والتغطية التامة والإمداد بالسلاح ثاد والقوات التي تدير جرائم التطهير والإبادة العرقية والتهجير والقتل الممنهج بشتى الوسائل في الأرض العربية المحتلة ماذا بعد؟ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ.. تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق