الخميس، 14 نوفمبر 2024

قبس من نور/د احمد محمد شديفات مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

قبس من نور

"... إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ..."

وردت هذه الجزئية في سورة محمد آية 7 "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ " بصفة نداء خاص للمؤمنين بالذات لا لغيرهم والإيمان هو أعلى درجة في قمة الطاعات والاستسلام لله لا لأحد سواه...

إذن هذه بشارة وجائزة دائمة لكل الأجيال المؤمنة لن تتخلف ولو لمرة واحدة فهي شرط في تحقق المشروط دون محاباة أو تنازل عن المطلوب وهي ميزان لتلك الأعمال وردت في معرض القتال من أجل إعلاء كلمة الله وهي أسمى رسالة في إحقاق الحق ورفع الباطل ...

لأول وهلة كيف ينصر المؤمنون الله، وهو أعلى وأجل ليس بحاجة لنصرة عباده وإنما هم المحتاجون له في كل صغيرة وكبيرة ، هذا تنبيه وطلب وتذكير أنك أنت كمؤمن عليك نصرة الله وذلك أتباع أوامره واجتنابه نواهيه بكل ما هو مطلوب منك، وإن قصرت تكون قد قصرت في نصرة نفسك ...

الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وضح ذلك في صريح العبارة فقد جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: الرَّجلُ يُقاتِلٌ حميَّةً ويُقاتِلُ شجاعةً ويُقاتِلُ رياءً فأنَّى ذلك في سبيلِ اللهِ ؟ قال: مَن قاتَل لتكونَ كلمةُ اللهِ هي العليا فهو في سبيلِ اللهِ }ويندرج تحتها وبنيتها الدفاع عن الأعراض والأوطان والأموال ...فالمؤمن يجب أن يعرف ماله ومال عليه من حقوق وواجبات

لن تتخلف نصرة الله للمؤمنين الصادقين له وإن تأخرت تكون لحكمة أرادها فالمؤمن مطمئن للنصر عاجلا أو آجلا "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" 214 سورة البقرة

الآن الواقع دليل صدق ما ورد في الآية من تسجيل وتصوير وقائع ملموسة ومشاهدة وثبات في الميدان أمام أشرس عدو وأكبر هجمة بربرية لم يشهد مثلها التاريخ في الحرق والتدمير والتشريد والتجويع والتهجير حتى على زمن نيرون والنازية...

وشهد شاهد من أهلها على مثل ما ذكر فقد صرح الطبيب الذي شرح جثة السنوار أنه منذ ثلاثة أيام لم يأكل طوى الجوع أضلاعه لتشهد له وقس عليه الكثير من المجاهدين والأمر إلى الله يصير حتى يعرف من المقصرين ...

اختارت الآية ثبات الأقدام بالذات ، كناية عن الشرف والكرامة أن تموت واقفا وجها لوجه مع عدوك مقبلا غير مدبر،

أو"...فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ..."94 النحل فالزلل للقدم انتكاسة وهزيمة وخزى وعار وخسارة للشهادة في سبيل فليأخذ المجاهد الحيطة والحذر مما ذكر حتى ينال نصر الله ،

فالثبات دليل الاستقامة والهداية فثباتك أمام عدوك بعون الله ورحمته وليس باجتهادك وجهدك فما تملك بالنسبة له من سلاح ومؤيدين لا قياس بين الأثنين ...إذن "فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ...112 هود  فثبوت القدم دليل تمكن المجاهد من أرضه وعرضه والدفاع عنهما وهذا ما أراد القرآن إيصاله للمؤمنين

وإذا نظرت لحال الأمة اليوم أين هم من نص الآية أقمت عليهم مأتما وعويلا ، أمة تعيش في ورطة وتخبط عشوائي مع نفسها زلت بها قدمها وانهارت قواها وطمع فيها كلاب أعداءها ومزقوا أشلاها فأسالوا الله الثبات والعودة لقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق