بسم الله الرحمن الرحيم
قبس من نور
"... فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ ..."
هذه الجزئية وردت في الآية 112 من سورة النحل
"وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلا قَرۡیَةࣰ
كَانَتۡ ءَامِنَةࣰ مُّطۡمَىِٕنَّةࣰ یَأۡتِیهَا
رِزۡقُهَا رَغَدࣰا مِّن كُلِّ مَكَانࣲ
فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ
فَأَذَ ٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُوا۟ یَصۡنَعُونَ"
ترتيب قرآني عجيب مقدمة ونتيجة حتمية.
أشار غالبية أهل التفسير أن المقصود من القرية هي مكة والمشركين بالذات، وقد ينطبق الحال على أي قرية كفرت بأنعم الله بغض النظر عن الزمان والمكان...
فكانت تلك القرية مضرب المثل لهؤلاء جميعا من باب التشهير والتوبيخ لكل من كانت هذه صفاته والله أعلم وأجل وأكرم...
فهذه القرية الموصوفة التي أصابها العذاب في الدنيا أصبحت مضرب المثل مع أنه لم يتم تسميتها وقد يكون من باب الحذر والحيطة حتى جعلت عظة وعبرة لمن يأتي بعدها من الأمم،
هذه القرية المذكورة غمرتها نعم الله من الأمن والطمأنينة والرزق الواسع الكثير الذي لا يحصيه أحد يصلها من مصادر وأماكن متعددة...دليل الرفاهية والغنى والازدهار والتجارة والاستقرار
بعد هذا الإسهاب والبيان للنعم جاء التنويه "كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنىٰ(7)العلق فانقلبت النعم نقم وانتكست الأحوال فحل البلاء والوباء والويل والحسرة بدل رغد العيش فانقطعت المواصلات ودمرت الطرقات وأغلقت المطارات ومنعت السفن من الأبحار وحوصرت القرية من كل مكان فلم يعد يأتيها طعام ولا شراب، كل ذلك بما كسبت أيديهم وسوء نيتهم وشناعة ذنوبهم... فالبسهم الله لباس الجوع بعد الحياة الهانئة، ودب في أوصالهم الرعب والخوف الشديد بعد الاطمئنان والاستقرار فلم يجدوا ما يأكلون ولا على أموالهم وأعراضهم يأمنون فأفلسوا من كل شيء، ونالهم العذاب والخوف والقتل والتشريد وسلط عليهم الظالمين ...
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق