بسم الله الرحمن الرحيم
قبس من نور
{{... فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ...}}
هذه الجزئية من الآية الكريمة {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53)النحل
لو جئت تعدد نعم الله لن تحصيها عددا إذن لا تتعب حالك ولا تشغل بالك وأشكر مولاك الذي خلقك فسواك،
فقد جاء ما يكفي من جواب في الآية الكريمة "وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ " فالباء للملابسة والإلصاق كل هذه النعم الظاهرة والباطنة هي لك لا تقدر على جلبها إلا بمراد الله............
النعم من المسلمات التي لا أحد يدعيها لنفسه ،وإنما هي بفضل الله يسوقها لخلقه، تمام هذه النعمة التي يتقلب بها الإنسان والبعض قد ينسى المنعم عليه إما ترفا وغنى وبطرا وإسرافا ...
ثم بعد ما ذاق طعم النعمة التي هو فيها وبين يديه، حتى إذا مسه الضر مسا خفيفا وجسه في جسده مرضا ضعيفا ولو وجعا في ضرسه، أو نقصا بسيطا من ماله، أو رسب أحد عياله، أو نشزت زوجته عن طاعته أو ما تزوجت أحدى بناته...الخ تجهم وجهه وكشر عن أنيابه، وسودت أيامه، ونسى كل ما أنعم عليه مولاه...بسبب أمر بسيط لم يبلغ مداه،،،،
فجاءت الآية بوصف ورسم صورة حية معبرة عن مضمونها تراها الساعة وكل ساعة، وهي حالة المنكرين لنعم رب العالمين أمام سلبهم شيء نذير حتى ولو لم يحصل له تأثير، وإنما يلوح في الأفق على أقل تقدير...
" فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ "كلمة فيها نوع من الغربة والجفاء والاستهجان تصدر من بعض المخلوقات فتقول جؤار الثور رفع صوته من جوع وعطش أما بخصوص الإنسان رفع صوته عاليا في الاستغاثة والتضرع مما يجد ويحاذر كشدة الأهوال والمصاعب التي نزلت به كفقد نعمة الأمن وحلول الخوف والرعب من فقدان النعمة مهما دقة فهذا كله من باب التذكير والموعظة والعبرة حتى تكون شاكرا لكل النعم عليك حالا ومقالا ، الذي وهبك الله إياها مجانا دون ثمن ولو بخس بسيط
تصور لو سلب منك أو عطل فيك عضلة قلبك مثلا ...كم دفع ثمنا ثروتك أن كنت غنيا، ولو لحياة آنية, إذن عليك أن تشكر ربك الذي وهبك قلبا نابضا ،تعيش فيه سنين طوال إلى مشارف المائة وهو يضخ دما سليما نهارا وليلا وأنت في عملك أو في سباتك العميق ، من حرك قلبك بإرادته سوى الذي خلقه دون وجع أو تأثيم....
اسمع حديثه صلَّى الله عليه وسلَّم:-
--- "واللهِ لو تَعلَمون ما أعلَمُ " قسم وتعظيم من هول وشدة ما يعلمه الرسول الكريم ولا نعلمه نحن...
--- "لَضَحِكْتم قَليلًا ولَبَكيتُم كَثيرًا" هؤلاء هم المترفون كأنهم ما سمعوا تهديد ولا عويل أو استغاثت ولا صرخات وآهات بالعكس هم يضحكون كثيرا وقليل منهم ما يبكون حالنا ومآلنا دليله الدماء التي تنزف وآلة الحرب التي تحصد أرواح الألوف...
--- "وما تَلذَّذتم بالنِّساءِ على الفُرُشِ" شغلتنا الملذات وأنجاب الأولاد والبنات وتبعنا كافة الشهوات والموت يداهمنا من كل الجهات ونحن في غير مبالات...
--- "ولَخرَجتُم إلى الصُّعُداتِ" لم تعد البيوت آمنة من الضربات والزلازل ،واصبحت الصعدات الأرض الخالية كناية عن ترك البيوت وما حوت من فرش وأثاث وزوجات..." فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ" آية 50 الذاريات، طريق الأمان
---" تَجأَرون إلى اللهِ "لو علمتم ما يخفي الغيب لكم والقدر عنكم من البلايا والرزايا والنوازل والمصائب والمصاعب وأهوالها، لخرجتم تطلبون الله وتستغيثونه وتتضرعون اليه بأعلى أصواتكم أن ينجيكم ويفغر لكم ويعفو عنكم ويقبلكم قبل فوات الأوان ....... تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات /الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق