الاثنين، 23 سبتمبر 2024

قبس من نور/د احمد محمد شديفات مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

قبس من نور

"... وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ..."

القرآن علاج روحاني ومادي للإنسان وخاصة للمؤمن بالله في هذه الآية 14 من سورة التوبة

قال الله تعالى "قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ" رسمت الآية طريقا لحركة المؤمن لمجابهة المعتدي وعدم التلكؤ والتأخير والتسويف أو التخاذل وعدم النصرة وطلب حشد كافة الإمكانيات "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ..."60 الأنفال

يرافق هذا كله مدد الله للمؤمنين ، فلو استعرضت الترتيب القرآني بدأ "قاتلوهم" إيذانا بمقاتلتهم لتثبتوا وتبرهنوا على صدق ملاقاة عدوكم...

القتال عذاب لهم بأيديكم فأنتم سوط الله في الأرض يسوم به الكافرين، فلو أراد الله أن يهلكهم لكان ذلك؟ لكن لا يترك الله للكافر فرصة حتى يقول هذا التدخل الرباني محاباة للمؤمنين من دونهم، بينما ما يحصل الآن أن المؤمنين قد دفعوا الثمن باهضا في القتال من أنفسهم وأموالهم وديارهم وأولادهم مقابل ما وعدهم الله به :-

---"يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ" العذاب يحصل بوسائل شتى "وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ.."31 المدثر، فهو ألم مادي ومعنوي وهم حريصون على أتفه حياة ولو كانت ذليلة، فكل ما أصابهم من مصائب ظاهرة أو باطنة يسرونها ويكتمونها عن الآخرين وهي تحرق قلوبهم ، والكل يلمس احتجاجات العالم وشهادته على أفعالهم وإدانة جرائمهم واستنكارها دوليا من كافة المنظمات والشعوب الحرة ... ومن العذاب عدم سداد رايهم وارتباكهم وشتات أمرهم فكل ما يخطر على بالك من عذاب فهو نازل بهم...

---"وَيُخْزِهِمْ" الخزي غير العذاب فهو أشد وأنكى فضيحة لهم على رؤوس الأشهاد أمام العالم أجمع من أنهم يدعون أنهم القوة التي لا تقهر كذبا بما يملكون من اسلحة الدمار والقهر  .. هزيمتهم هذه من قبل فئة قليلة لا تملك من السلاح إلا الشيء البسيط وما ينزع من يد عدوها أوقعتهم في ورطة لا يعرفون الخلاص من هجماتها وضرباتها من تحت الأرض أومن فوقها بالمصائد والقنص ويلاحقهم الخزي بعد مماتهم "رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ" 192 آل عمران

---"وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ" النصر من البشائر والجوائز والوعد الحق "وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" الأنفال، إذن النصر بيد الله وهو الفرحة الكبرى تعطى لمن كان أهلا لها بعد اجتياز واختيار واختبار للذين بذلوا كل ما يملكون في سبيل الله"... وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ.."140 آل عمران

--- "وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ" كم تحملت صدور المؤمنين من هم وغم وألم وحزن وضيق وتفكير بالمصير في فترة هذا الأجرام والقتل والتدمير الذي حل بالبلاد والعباد أيام وليالي طوال لا يعرفون فيها لذة الحياة والعيش وراحة الأجساد والأنفس من كثرة ما طالهم من الأذى رجالا ونساء وأطفالا  بعد هذه كله يزيل الله بقدرته الغمة ويفرح الأمة ويشرح صدرها ، وقد شفيت وطهرت تماما من أزمة العدوان وبان نور الإسلام والإيمان

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق