بسم الله الرحمن الرحيم
"حكاية عالم جليل "
تجارب الآخرين فوائد للمبتدئين، وطريق منير للمستفيدين خاصة من حياة الصالحين الصادقين...
هذه حكاية عالم جليل هو المرحوم بإذنه تعالى العلامة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله رحمة واسعة،
بدأ الشيخ حياته بين أهله وريفه وأترابه يعشق الغيط الذي ولد وترعرع فيه،،،،،
والإنسان بطبيعته تهفو نفسه ومشاعره حب من يحيط به من سماءه وأرضه وناسه،،،،
وكان والده يحب أن يرفع من قيمة ابنه علميا ويعوض ما فاته، خاصة عندما تهفو نفسه للعلم والعلماء،
فعرض الأب على ابنه أن يذهب به الأزهر الشريف، ويزاحم العلماء، وينهل من المعارف، فكانت نظرة الأبن أن يبقى في زراعته فلاحا كغيره.......
إلا أنه أمام إصرار والده ذهب يطرق باب العلم في الأزهر الشريف،،،،،
وما زالت فكرة البقاء بين أهله تشده للوراء وتراوده على الرغم أنه أصبح على مقاعد الدراسة فعلا،
وقد أختلق الأبن المعاذير وأكثر من الطلبات لعل والده يستسلم ويعيده إلى سالف عهده بين أهله...
وفي أحدى زيارات والده له في الأزهر فكر ان يرهق والده ماليا وهَيَّا العدة وخطط لشراء امهات الكتب والمراجع والمصادر العلمية التي تصلح للعلماء العلية، وهو مازال يتدرج في السنة الثالثة في الكلية،
ومع هذا وبكل صدر رحب الأب ولم يشكو قلة حالته المالية ،فأشترى له كافه الكتب القيمة، وأودعها مكتبة ابنه بنفس رضية، والأبن يعرف أن الأب بفطرته قد استجاب لطلب أبنه حتى لا يبقى في نفسه بقية،
وفي اليوم التالي قفل الأب عائد إلى عزبته البحرية مسرورا فرحا بما قدمه من كتب ومصادر ومراجع علمية،
وخرج الأبن مودعا والده إلى محطة المترو نحو الدقهلية ,,,,
وأرسل الأبن سلاما لأمه وتحية مشفوعة بكل شفقة عليها وحنية، وعلى الرصيف رَكِبَ القِطارَ وودع الأبن أباه قائلا أبي انني ما زلت طالبا في الكلية وهذه الكتب التي اشتريتها لي هي أمهات الكتب العلمية ،
قال الأب:- وهو يهز رأسه أعلم ذلك بني ؟ وفقك الله لما يحبه ويرضه لمطالعتها؟؟؟
تلك الكلمات هزت كيان الأبن ودفعته للإخلاص والإصرار على تحقيق مراد والده ، وزادته تلك الكلمات تأثيرا في حياته العلمية نشاطا واجتهادا حتى أبدع في مطالعته اليومية ونتائجه السنوية،
وعاد الأبن بعد فترة زمنية من رحلته العلمية إلى قريته مستبشرا يلبس زي العلماء الأجلاء، وأنطلق يناقش ويحاور مشايخ العزبة البحرية بكل دراية ومهنية ويظهر تفوقا علميا غير مسبوق ،
وقيل له من باب المداعبة هذه الكتب القيمة ثمنها جاموسة مرعية مقابل كتبك العلمية، فتبسم مسرورا، وهز راسه برضى وموافقة على صدق مقولة والده!!!
فهذه حكاية ومحاورة أَضفَّت عليها عناصر مشوقة ليعرف أبنائنا الشباب تفاني الإباء في خلق جيل من العلماء، طوفوا العالم علما ومعرفة واقتداء .... هذه هي الحياة العلمية ،ورحم الله علماؤنا وشيوخنا السابقين ومتع الباقين بالصحة والسلامة والثبات على الدين .
قال الله تعالى : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } درجات لا يعلمها إلا من وضعها وهو الله جل في علاه، فالعلم نور في الأرض والسموات فليكن هدية الآباء للأبناء والبنات.
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق