بسم الله الرحمن الرحيم
قبس من نور
"... وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ..."
الحمد لله الذي ميز هذه الأمة الإسلامية بمنهج حياة شامل لهم في دنياهم وآخرتهم ، قال الله تعالى" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"3 المائدة إذن ليس بعد الكمال والتمام زيادة ولا نقصان، فالمسلم يخضع لمراد الله يردد "رَضيتُ باللَّهِ ربًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبِمُحمَّدٍ رسولًا، وجَبت لَهُ الجنَّةُ" الحديث
وليس الذكر كالأنثى" فهذه التمايز ليس من باب التفاضل فللكل طبيعته التي فطر عليها فما يقوم به الرجل تعجز عن الآتيان به الأنثى والعكس صحيح فالأعباء التي تترتب على كاهل الأنثى من تربية الأطفال والسهر عليهم لا يستطيع الرجل القيام به، ومن هنا قالت امرأة عمران حينما نذرت ما في بطنها لخدمة بيت المقدس فلما وضعتها كانت أنثى والأنثى لا تستطيع القيام لما نذرت من أجله، "وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ،إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى " آية 4،3 الليل
فالحياة الزوجية رباط مقدس وميثاق غليظ بين رجل وامرأة تحل له شرعا من أجل الحفاظ على بقاء النوع البشري لبناء أسرة مترابطة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا،
بالأمس طرحت امرأة سؤالا قالت ما المانع من الزواج بزوجين في آن واحد طالما القانون لا يمنع ذلك، فمن المعلوم بالضرورة أن المرأة عند كل الشرائع لها الحق أن تتزوج برجل واحد فقط، وإلا يكون سفاحا وعشيقة لأكثر من واحد وهذا هو الزنا بعينه،
فالإسلام سلك مسلكا نظيفا طاهرا لقضاء المتعة حتى في اختيار لفظها " وطرا" قال الله تعالى"...فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا..."37 الأحزاب، فكيف بالله عليك تسمح المرأة العفيفة الطاهرة أن تكون متاعا مشاعا عاما لكل من هب ودب هذا ما تأبه النفوس الكريمة ،
فطلب المرأة الزواج بزوجين خارج على أصل فطرتها ويعد متعة حرام وشهوة رخيصة ، فالفرج من المرأة موضع الحرث لزراعة الولد فيه من أب وأم واحدة فهو مكان لا يتسع لغيره ، قال الله تعالى " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم" مخصص لكم بالذات وليست المرأة موضع شراكة شركاء، فلا يوجد شرع ولا قانون يجري مثل هذه العقود مطلقا لوقوعها في دائرة الحرام وعدم الجواز للتناقض، وحتى لو تم بطريق الخطأ يتم إبطال العقد الثاني لوقوعه في غير محله على زوجة الغير،
والإسلام أحاط الفروج بسياج منيع لمنع اختلاط الأنساب ووضع اسسا مكينة للاتقاء بين الرجل والمرأة، أنظر مثال العدة الشرعية للمطلقة فلا يصح الزواج منها إلا بعد أنتهى العدة ولما هذا كله فقد توصل العلم حديثا أن العلاقة الزوجية تنتهي بنهاية مرور العدة ثم تمسح هذه الشيفرة الخاصة بهما كزوجين ببراءة الرحم عندئذ تكون المرأة طاهرة يحق لها الزواج من غير مطلقها، وهذا لا يحصل في حال زواجها من زوجين أثنين، فهل لكل منهما عدة في حال طلاقها؟!
للعلم القانون الوضعي ليس حجة على المسلم أن كان مخالفا للشريعة الإسلامية، فالسؤال الذي طرحته تلك المرأة أن قانون الأحوال الشخصية في بلدها يمنع زواج الرجل من امرأة ثانية ورتب على ذلك عقوبة فقالت القانون لا يمنع المرأة حق الزواج من زوجين دون عقوبة، مع العلم أن موضوع زواج المرأة من زوجين ممنوع شرعا ولذا لا يتطرق القانون لهذا الأمر ولا يتناوله ، ، قال الله تعالى "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"14 تبارك، وقانون الأحوال الشخصية مقنن فقها وفق الشريعة الإسلامية وما خرج عنها لا قيمة له...
فالمرأة لو تزوجت بزوجين لا يتحقق لها قضاء متعتها كما ترغب مع أثنين، فكلاهما يسعى لمتعته ولا يتحمل أعباء الولادة وما تبعها...
فالشراكة هنا غير منصفة وغير متحققة لمن يكون حق المبيت معها، كما أن المرأة يعتريها الحيض والنفاس...الخ وما يصحب ذلك من حالة صحية ونفسية وحمل ووضع وانشغال بالتربية والإرضاع وضعف وتراجع في الجسد...
وعند وضع المولود يترتب له على الأب فمن صاحب هذا الولد ومن له أحقية الانتساب اليه والحاق نسبه به وعائلته... والصدمة النفسية والخلقية تبقى تلاحق المولود والمسبة التي تصاحبه حياته كلها فإذا أراد تسجيله في حضانة أو مدرسة أبن من يكون؟!
من يرضى لنفسه أو لأولاده أن يكونوا في مهب الريح يشار اليهم بالبنان فأبوهم كالتيس المستعار وأمهما مشاع للمتعة الحرام ، أنظر استقرار الأسر السليمة تحت مظلة أم وأب وأخوة وأخوات يخيم على بيتهم المودة والرحمة والسكينة والاستقرار ،
وأخيرا ورد مثالا ينطبق على مثل هذه الحالة في القرآن الكريم :-
" ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" 29 الزمر، صور القرآن عبدا مملوكا بين شركاء متشاكسون وهذه المشاكسة سببها تفاوت الرغبات فلكل هدفه على خلاف شريكه، وهذا أقرب ما يكون للمرأة التي تطلب الزواج من زوجين كيف يمكنها إرضاء الطرفين فتقع في حيرة من أمرها ،وبين امرأة تحت رجل واحد سلما له لا يشاركه فيها احد...سؤال هل يستويان، الجواب قولا واحدا لا إذن "وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ"43 الأعراف، ثم ختمت الآية الكريمة" " بل أكثرهم لا يعلمون "هؤلاء هم الجهلة الخارجين عن الفطرة" ...فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا..."30 الروم
ومن أجمل ما قِيلَ في ذلك –
سَأَتْرُكُ حُبَّهَا مِنْ غَيْرِ بُغْضٍ... وَلَكِنْ كَثْرَةُ الشُّرَكَاءِ فِيهِ
إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ عَلَى طَعَامٍ ... رَفَعْتُ يَدِي وَنَفْسِي تَشْتَهِيهِ
وَتَجْتَنِبُ الْأُسُودُ وُرُودَ مَاءٍ ... إذَا كَانَ الْكِلَابُ وَلَغْنَ فِيهِ
وَيَرْتَجِعُ الْكَرِيمُ خَمِيصَ بَطْنٍ ... وَلَا يَرْضَى مُنَاهَمَةَ السَّفِيهِ
تلك هي المروءة وسمو الأخلاق والعزة والكرامة عند أهلها من الرجال والنساء التعالي عن سفاسف الأمور وسقطها...
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق