الأربعاء، 28 ديسمبر 2022

قبس من نور/د أحمد محمد شديفات مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

قبس من نور

"...ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ..."

هذه جزئية وردت في آية 125 من سورة النحل، قال الله تعالى "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"

المسلمون أصحاب دعوة ومن مستلزمات وبديهيات الدعوة التحلي بالأخلاق والصبر وعدم التزلف والرياء والنفاق، والدعوة أن تأخذ بيد الضال إلى الطريق المستقيم  بلطف ورفق وحنان لا جفوة ولا سباب، فأنت كمسلم داعية ميسر غير معسر تدعو لدين الله على بصيرة وبحكمة وموعظة حسنة من أجل هدية البشر لا تنفيرهم ...

نحن كمسلمين نعيش في وسط اجتماعي متنوع في نسيج واحد تحكمنا العلاقات الحياتية اليومية فماذا نفعل في حال حصول أمر يخالف عقيدتنا ، عندها نعود إلى آداب ديننا الذي أمرنا بحسن دعوة الآخرين بالحكمة وموعظة الحسنة دون فضاضة  ، ولنعود إلى سيرة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم مع وفد نصارى نجران " يقول ابن كثير في كتابه "تفسير القرآن العظيم": [قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلم المدينة، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ مَسْجِدَهُ حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ، عَلَيْهِمْ ثياب الحبرات جُبَبٌ وأردية في جَمَالِ رِجَالِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: يقول مَنْ رَآهُمْ مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: مَا رَأَيْنَا بَعْدَهَمْ وَفْدًا مِثْلَهُمْ، وَقَدْ حَانَتْ صَلَاتُهُمْ فَقَامُوا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُصَلُّونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّم: «دَعُوهُمْ»، فَصَلَّوْا إِلَى الْمَشْرِقِ] اهـ. منقول استقبلهم في مسجده صلى الله عليه وسلم ومع هذا صلوا صلاتهم للمشرق...

وخلال فترة الإقامة تم دعوتهم لدين الإسلام إلا أنهم طلبوا البقاء على دينهم وتم توديعهم بكل أدب ورفق على بقاء العلاقات الأخرى قائمة من حماية وأمان وضمان حقوقهم وحرية العبادة لهم .

وما تم توقيعه كذلك بما عرف بالعهدة العمرية" هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان.. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها.. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود..." ومازالت تلك العهدة يحتفظ بها لدي بطريرك الروم الأرثوذكس في مدينة القدس الشريف" هذه سماحة الإسلام الأمان في العلاقات بين البشر،

نأتي لموضوع المباركات والتهاني والمعايدات من قبل المسلمين في عيد الكريسماس فهو عيد عقائدي محض يخص النصارى بميلاد الرب أو أبن الرب يسوع المسيح فهو خاص بهم لا علاقة للمسلمين به ،وفي الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم" من حسن إسلام المرء قلة الكلام فيما لا يعنيه"

وقد يقول قائل طالما هم من نسيج المجتمع لما لا نبارك لهم عيدهم هذا أولا نكن لهم الاحترام والتقدير والعرفان في العلاقات التي تربطنا بهم ،قال الله تعالى "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ"5 المائدة...وقال الله تعالى" وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)المائدة القرآن

أما في موضوع العقيدة فالقرآن صريح جدا لا مجاملة فيه لأحد مسلم أو غير مسلم ...قال الله تعالى عن عيسى عليه السلام "قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا... مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ ۖ سُبْحَانَهُ...سورة مريم

فإن أردت تستغل فرصتك أن تدعو لهم بالهداية والخير والرشد والسداد والدعوة والمحاورة بالحكمة والموعظة الحسنة والله ولي التوفيق

الدكتور أحمد محمد شديفات



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق