بسم الله الرحمن الرحيم
قبس من نور
"... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ..."
من الغريب العجيب أن يغفل أهل الأيمان عما ورد في القرآن الكريم الذي فيه عزهم ومجدهم ونصرهم وبقاءهم ...
وليعلموا أن سبب الحملة الشرسة على القرآن بالذات لما يحمله من آيات بينات فيها من التهديد والوعيد ما يزلزل الأرض تحت أقدام المشركين...
واليك الدليل في هذه الآية الأخيرة أعلاه من سورة آل عمران، فهي تعد من الوصايا والفوائد التي يحتاجها المجاهد في الظروف الصعبة في معمعة الحروب فهي قاعدة هداية منتظمة للفوز والنجاح والفلاح
كلمات هذه الآية يعمل فيها في ساحات الوغى والاستشهاد ليس إلا ، في ظروف قاسية شديدة اليأس والمراس تحت أزيز الرصاص والقاذفات حيث الموت الزُّؤام الذي تزهق فيه الأرواح وتتطاير فيه الأجساد....فكل آية من القرآن لها مقام وزمان ومكان لا يتسع غيره.
بعد هذه المقدمة مع هذه الآية الكريمة التي حوت الأيمان والصبر والمصابرة والرباط والتقوى والفلاح،
البداية بدأت - يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ-
نداء رباني خاص بالمؤمنين مصدره رب العزة جل جلاله أضفى هيبة ومكانة وأهمية وعظمة وشرف لهم ، يتبع هذا النداء توجيه نحو الصواب، ورأفة ورحمة من الله بهم واهتماما بشأنهم،
فالآية صورة للمؤمنين وهم في ساحة الوغى بين كر وفر مع عدوهم وجها لوجه من نقطة أقرب أو أبعد من الصفر، يلوح فيها جميع انواع السلاح الفتاك فالأمر فيه قتل وجراحات وحرق وقذف وردم تحت الأنقاض فالموت من كل جهة وجانب من الأرض والسماء، هذه الواقعة المريرة تحتاج إلى وصايا الرحمن لهم بقوة الأيمان والتقوى لمجابهة العدو وأول طلب جاء على أثر النداء بداية الصبر وهو العزيمة والهمة والثبات دون تراجع أو فرار،
فالصبر أول درجة من درجات الفلاح- لعلكم تفلحون- فالفلاح والنصر طريق ليس ورود تقطفها وإنما جسر من الشهداء وأرواحهم وأجسادهم مضرجة بدمائهم ...
من السهل أن تقف على الدرجة الأولى والأكثر صعوبة أن تتخطاها إلى الدرجة الثانية صعودا في سلم الفلاح والنجاح حينها يسهل عليك الوصول إلى درجة المصابرة وهي طول الصبر والمثابرة والتضحية فتكون النتيجة لصالح أطول الصابرين صبرا من أجل تحقيق مبدأ الأيمان بالله أو تموت دونه...وبهذا دنوت نحو الفلاح بالصبر والمصابرة والتقوى وليس من خلال القيل والقال وإنما بالفعال والقتال والجهاد في سبيل الله...
وهذا الإصرار هو المصابرة في وجه المعتدي...
بعد اجتياز امتحان الصبر والمصابرة على أشدهما وما فيهما مازالت الطريق مملؤة بالعقبات والمطبات التي تستوجب الفطنة والحذر واليقظة وهي مرحلة المرابطة فالعدو ينتظر الغفلة للانقضاض والنيل ولو بشيء بسيط منكم ،
وفي السيرة أمثلة على هذا قال رسول صلى الله عليه وسلم للرماة يوم أحد...فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم...
وقدم سارية على عمر في المدينة فقال: «يا أمير المؤمنين، تكاثر العدو على جنود المسلمين وأصبحنا في خطر عظيم، فسمعت صوتاً ينادي: «يا سارية الجبل، الجبل...
فاعلم رحمك الله أنت على ثغر من ثغور الإسلام فلا يُؤتين من قبلك...
لله در المجاهدين بين مقاتلة المشركين ودورهم في حماية ثغور الإسلام وانشغالهم في أمر المثبطين المشاغبين المطبعين المنهزمين
كيف يوزعون وقتهم وساعات جهادهم كيف ينامون ويأكلون ويشربون والعدو يحيط بهم من كل مكان في الوقت والزمان، نعم "... وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله"
نذروا أنفسهم وأموالهم وأولادهم في سبيل الله، فهم في كنف الله في يقظة وعيون مفتوحة على حراسة أرض المسلمين والمرابطة على الثغور حتى يندحر العدو،
مازال المجاهدون يسيرون على طريق الفلاح لم يصلوا بعد حتى يأذن الله لهم بذلك فتكون لهم الغلبة والفلاح فهم أهل التقوى والصلاح...
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق