الجمعة، 3 فبراير 2023

السحاب الثقال/د أحمد محمد شديفات مجلة روائع الشعر والنثر وفرسان الحرف

 بسم الله الرحمن الرحيم

قبس من نور

{{...السَّحَابَ الثِّقَالَ...}}

قال الله تعالى :-

{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا، وَطَمَعًا، وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ)بين الترغيب والترهيب خوفا وطمعا

كلما قرأت آية من كتاب الله أزدت إيمانا بالله، سؤال لكل المؤمنين (أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا)

آية عظيمة كيف ينشئ الله السحاب بقدرته وقوته من السهل أن نعرف مما يتكون السحاب علميا، إلا أنه من الصعب أن ندرك عملية تكوينه في طبقات السماء دون مكان أو وجود مصنع له معين وكيفيته يرى بالعين....

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا) بعضه فوق بعض ...

كنا ومازلنا نسمع مقولة يمر مرور السحاب لم يكن في بالنا كيف تتحرك هذه السحب الثقال ؟ إذن لم يكن كما نتصور تلك الحركة العشوائية وإنما يتم سحبه بإمر تعالى!

إذن لا أحد يقدر على تكوين ذرات هذه السحب ويؤلف بين سالبها وموجبها ويجمعها ثم يسوقها سوى الله،

وكيف يتم تفاعل هذا المزيج ويتآلف دون وقوع إي خطأ محتمل ودون تدخل قدرة أحد إلا الله،،،،

لو تصورنا سعة هذا الفناء أو المصنع الفسيح في السماء الذي جمعت فيه هذه التراكمات من السحب كم يحتاج لسعة مكان يحفظ به، إلا بقدرة الله!!!

المراد بذلك السحب التي تحمل الماء، بعد تكامل عملية نشؤ المطر وحمله تصور كمية ووزن هذا الماء قبل  توزيعه وكيفية توزيعه....

كم تقدر وزن هذه السحب المثقلة بالماء ذكر العلماء أن سحابة اسمها "كومولو نيموس" المعروفة بسحابة الرعد تحمل ما يصل إلى ثلاثمائة الف طن من المياه"300000 " هذا الوزن الهائل كيف يحمل في سحب شفافة حمولة لا يتصورها عقل بشري بهذا الثقل الضخم  وهي تتحرك في جو السماء "فيأتي الجواب من القرآن (فَالحَامِلَاتِ وِقْرًا) الرياح التي تحمل السحب وما حوت

وهنالك أوزان أخرى تقدر بخمسمائة الف طن من الماء تصور لو سقطت ككتلة واحدة على الأرض تدمرها فعلا مالم تفعله القنابل أو الزلازل على سطح الأرض ولكن لطف الله حال دون ذلك ...قال الله تعالى "فَإنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ" آية 265 البقرة ،إما مطرا غزيرا أو خفيفا حسب الحاجة توزيع بحكمة سقيا لا غرق ولا هدم

ويأتي الآن دور توزيع هذه الغيث على الخلق بأمر الله ،.

أسمع من رب العالمين :-

(اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ...

فَتُثِيرُ سَحَابًا...هذه الرياح تحرك في الاتجاه المراد.

فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ... ويبسطه الله بقدرته وينشره بفضله ورحمته حتى لا يكون تساقطه مؤذي.

وصف عظيم مهيب لذلك السحاب "وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا...متراكما بعضه فوق بعض.

فَتَرَى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ... ينزل المطر من ثنايا السحب قطرات متتابعة.

فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) عندها يكون الدعاء صيبا نافعا سحا غدقا للخير

يا سلام ما أعظم عطاء الله ولطفه يرسل الرياح  فيتحرك السحاب المحملة بالأطنان من الماء.....

(السحاب الثقال)وصف يعجز عنه البيان ويترك أمر تقديره للرحمن،،،،،،،،،،

ووصف آخر:-

(وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ) نوع آخر جبال من برد وليس جبل نوعيات متنوعة وينزله غيثا مغيثا وليس غرقا مهلكا ونوع على  آخر على شكل ذرات متماسكة بيضاء طاهرة،

وصف هذه البرد جبال ضخمة كيف تماسكت تصور لو نزلت جملة واحدة على الأرض لأغرقتها خسفا  وأصبح من عليها فان، توزيع حكيم جزء من الماء ينزل على اليابسة والأخر في البحار والمحيطات حتى يتوزع المطر غيث رحمة لا عذاب.......

(ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ)

يخرج من ثقوب السحاب كالغربال، ويخفف من وطأته أن يبسطه الله كيف يشاء في السماء ويهيئه للنزول رحمة للعباد والبلاد حبات من البرد والثلوج والمطر

(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) هذه البشارة التي تستحق العبادة والطاعة والعبادة

( حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ) أنظر رحمة الله الذي لا ينسى أحدا من خلقه على وجه البسيطة قبل وبعد نزول الغيث عليها تصبح الأرض مخضرة بعدما كنت مكفهرة وكذلك يحيي الموتى تذكير بالإعادة بعد الإبادة,

هذه هدية الرحمن للإنسان سحاب الخير مثقل بالرحمات مما يدل على كرم الله وعطائه لخلقه(عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) " وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم " إذن النزول رحمة مقدرة من عند الله...

وقد نسب الله جل جلاله سوق هذه السحب لنفسه(سقناه)مما يدلل على أن الرياح وغيرها مأمورة بأمر الله هو الذي يسوق الرحمة لمن يشاء وليست الرياح بذاتها...

(فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ) إذن هذه هي المشيئة تعود إلى الله،

عملية ليست سهلة معقدة في نظر الإنسان(وتحسبوه هينا وهو عند الله عظيم)

فالشيء إذا تم من قبل الله لا تعجب ولا تستغرب(إن القوة لله جميعا)

ثم أنظر(هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ) فالإنسان يقوم بمحاولات الاستمطار للسحب الثقال وهي مكلفة ماديا ومعنويا وفشلها ذريع،

واسمع قبل النهاية حديث النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ ، فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ : اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ : فُلَانٌ - لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ - فَقَالَ لَهُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي ؟ فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ : اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ ، لِاسْمِكَ ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا ؟ قَالَ : أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا ، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا ، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا ، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ)

إذن أطمئن لفعل الله(لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ )

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق