بسم الله الرحمن الرحيم
قبس من نور
"... مَا عَلَيۡكَ مِنۡ حِسَابِهِم مِّن شَيۡءٖ ..."
وردت هذه الجزئية في آية 52 الأنعام "{وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ.." وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر، فقال له المشركون: اطرد هؤلاء؛ لا يجترئون علينا)، أي: كيف تجلس مجالسنا ومعك هؤلاء الضعفاء اطردهم حتى لا يجترئ هؤلاء الضعفاء على مقاماتنا الشريفة والعالية،
فالآية طرحت وعالجت حالة نفسية مسْتَشْرَية في نفوس ومواقف بعض البشر، فهي فعلا أزمة متكررة يجد فيها البعض نفسه أنه أفضل من غيره نظرا لمكانته العلمية أو مركزه العائلي الاجتماعي أو الوظيفي فيأنف هؤلاء الذين غرهم ما هم فيه من وضع طارئ مؤقت أمام متغيرات الحياة، ففِي التِّرْمِذِيِّ ذكر مَرْفُوعًا: لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ، فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيَكَ "فهذه عين الشماتة بالْفَرَحُ وَالاغْتِبَاطُ بِبَلِيَّةِ الآخَرِينَ دون مبالة ...
وقد درج بعض الناس الذين يعدون أنفسهم قدوة للآخرين على هذه الشماتة وتبعوهم أنصارهم تقليدا لهم ونصبوا من أنفسهم قضاة على الخلق، وكأنهم مفوضون بالحكم على أفعال غيرهم إما إلى الجنة أو النار والله سبحانه قال "مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ " فلا تدخل نفسك في مكان سيحاسبك الله عليه، فمن راقب الناس مات هما وكمدا،
هؤلاء هم قضاة الهوى فالفاضي منهم يعمل نفسه قاضي ، ويطلق أحكاما فلان إِرْهابيّ أو عَمِيل أو عالم باع دنياه بآخرته أو عالم حزبي أو علماء سلطان تقسيمات مصلحية نصرة للهوى أو مطمع أو نقد لاذع... ذكر ابن القيم في زاد المعاد: (أفلا شققت عن قلبه فتعلم أصادق هو أمْ كاذب؟). لقد نقل لنا هؤلاء أمراض الأمم السابقة،
نصيحة لنا كلنا إلا نسرف في اتهام الآخرين، ولتعلم من ذا الذي مـا سـاء قــطّ؟ ومن لهُ الحُسْنى فقـطْ؟! «ولو انتقدتَ بني الزمانِ وجدتَ أكثرَهم سَقَطْ!
ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا... فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
وفي الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :- حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا ،فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا" الأفضل أن تتقي الله ولا تطلق سهم حكمك على الآخرين فليس مطلوبا منك ذلك عندها قد تندم على ذلك التصرف ولكن قل لقد أفضى لوجه الله وهو به عليم ولا تتمنى لغيرك إلا الخير فتكون تحت ظل هذه الآية الكريمة "وهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ "آية 10 البلد ... تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق