كَهْرَبَاء
====
دَخَلَ بَاحَةَ الْمَرْكَزِ التِّجَارِي مُحَمْلِقاً فِي كُلِّ مَا يُحِيطُ بِه ، مُنْبَهِراً بِالْأَضْوَاءِ السَّاطِعَةِ وَالْجَوِّ النَّظِيفَ، وَ هُوَ الْبَدَوِيُ الَّذِي تَعَوَّدَ عَلَى غُبَارِ السُّوقِ الْأُسْبُوعِي وَ ذُبَابِ فَضَاءَاتِه.
فَبَدَأَ يَتَنَقَّلُ مِنْ شُعَاعٍ لِآخَرَ مَشْدُوهاً أَحْيَاناً لِبَرَاعَةِ التَّصْفِيفِ و التَّنْظِيم ، وَ مَشْدُوداً إِلَى نَوْعِيَةِ الْبَضَائِعِ أَحْيَاناً أُخْرَي . وَ فِي غَمْرَةِ الاِنْبِهَارِ وَ الدَّهْشَةِ نَسِيَ الْهَدَفَ مِنْ زِيَارَتِهِ هَذِه ، غَيْرَ أَنَّ كُلَّ مَا بَقِيَ عَالِقاً فِي ذِهْنِهِ؛ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قُدُومِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ لَهُ عَلاَقَةٌ بِالْكَهْرَبَاء. تَحَسَّسَ مَوْضِعَ نَقَالِهِ وَ هُوَ مُتَّجِهٌ صَوْبَ الشُّعَاعِ الْمُخَصَّصِ لِلتَّجْهِيزَاتِ الْمَنْزِلِيَةَ فِي الطَّابَقِ الثَّانِي، لَمْ يَجِدْهُ، بَحَثَ فِي كُلِّ جَيْبٍ مَوْجُودٍ فِي هُدُومِهِ فَلَمْ يَعْثُرْ لَهُ عَلَى أَثَرٍ، لَكِنَّهُ تَأَكَّدَ مِنْ وُجُودِ الْمِحْفَظَة فِي مَكَانِهَا. وَ فِي الْمِشْوَارِ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَهُ عِنْدَ بَقَالِ الْكَفْرِ لِيُشْحَن، وَ لَمَّا إطْمَأَنَّ بَدَأَ يُقَارِنُ الْأَثْمِنَةَ مَعَ حُمُولَةِ مِحْفَظَتِه. وَفِي الْأَخِيرِ اسْتَقَرَّتْ عَيِنَاهُ قَبْلَ كِيَانِهِ عَلَى لَافِتَةٍ لِإِقْتِنَاءِ آلَاتٍ كَهْرَبَائِيَةٍ تَتَلَائَمُ أَسْعَارُهَا وَ مُحْتَوَى الْمِحْفَظَةِ مَعَ فَارِقِ الشَّحْنِ ؛ مِنْ غَسَّالَةٍ وَ ثَلَّاجَةٍ وَ مِرْوَحَة. طَلَبَ مِنْ أَحَدِ الْعُمَّالِ تَحْضِيرَهَا وَ تَجْهِيزِهَا لِلشّحْن. ابْتَسَمَ الْعَامِلُ فِي وَجْهِهِ وَ أَرْشَدَهُ إِلَى مَكَانِ الدَّفْعِ نَقْدًاً. بَعْدَ إِنْهَاءِ كُلِّ الإِجْرَاءَاتِ اسْتَقَلَّ الشَّاحِنَةَ الْمُحَمَّلَةَ بِأَغْرَاضِهِ مُنْطَلِقاً إِلَى قَرْيَتِه، وَ بَعْدَ مُرُورِ أَكْثَرِ مِنْ سَاعَتَيْنِ عَلَى مُغَادَرَتِهِ أَجْوَاءَ الْمَدِينَةِ غَفَتْ عَيْنَاه.
وَ عَلَى حِينِ غِرَّةٍ اسْتَيْقَظَ مُنْتَفِضاً كَأَنَّ صَاعِقَةً ضَرَبَتْه، وَ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ السَّائِقُ عَمَّا أَصَابَهُ ، عَاجَلَهُ صَائِحاً وَ بِقَلَقٍ شَدِيدِ:" عَلَيْنَا الرُّجُوعُ حَالاً إِلَى الْمَرْكَزِ التِّجَارِي ".
لَقَدْ تَذَكَّرَ أَنَّ الْكَفْرَ غَيْرُ مُزَوَّدٍ بِالتَّيَارِ الْكَهْرَبَائِي وَ لَا يُوجَدُ عَلَى سَطْحِ مَنْزِلِهِ لَوْحَاتُ الطَّاقَةِ الشَّمْسِيَة وَ هِيَ مَا كَانَ عَلَيْهِ شِرَاؤُه.
أديب عدي
---------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق