""" جدتي وعالم الأرواح"""
لي جدةٌ
كانت تُناصحني كثيراً
لأنفاسها رائحةٌ كالبخور الفواح
قالت لي يوماً :
لا تنظري للصورة وتمضي
اقرئي ما تحكي العيون ففيها كل الإيضاح
انظري لي ...
- قرأتُ عيونها .. حسرت مآقيها دموعاً
لأحزان وآلام تجاهلتها بالمزاح
وقد حفرت سنين عمرها خطوطاً
على صفحة وجهها بنوره الوضاح
كانت جدتي كشجرة هـرمت فروعها
لكنها ظلت لا تبخل بثمارها الملاح
كلماتها أسمعها تتوهج في عقلي
كوني انتِ مهما لمع زيفُُ من حولك ولاح
وتبيني ولا تقلدي كالمبصر الأعمى
حتى لاتكوني مسخ يـُفزع كالأشباح
عيشي وافعلي مالاتخجلي منه
فالواثق تدله خطاه لطريق النجاح
واعلمي أنّـنا قد نقسوا على أنفسنا
لنسلم في حياتنا وننعم بالضمير المرتاح
وفِي ظلمة ليل العقل وسكرته
لا تيأسي فسـتشرق شمس بالصباح
اجعـلي من روحك طائراً يسمو ويزهو
اجعليها تعلو فوق كل الاطراح
كوني زهرة أنيقةالالوان تفوح عطراً
وتزيني برداءٍ يرضي عَنكِ الفتاح
وتجنبي الوقوع في مهاوي الْهَوى
فليس للهوى دون عقل من كباح
وصوني روعة جمالك بأدبٍ وحياء
ولاتُعجلي ما لم يحن حتى يؤذن له بسماح
وتيقظي في رحلةِ الايام وإن طالت
فلها نهاية لابد مكتوبة في الألواح
واحرصي أن تتركي جميلاً لمن خلفكِ
كي لا يقولوا كانت أثراً وراح
كوني لزوجكِ لينة رطبة العنان
سلسة القيادة من غير جماح
اشبعيه حباً وعناية واهتمام
يمتلئ قلبك بالسعادة والصلاح
واعلمي أن المرء مخبوء تحت لسانه
فقولي دائماًخيراً ولاتكثرِ في المزاح
وأحذري سوء العشرة وإياكِ والخلاف
فإنه يُعكر صفو النفوس ويملؤها بالجراح
وأخيراً أذكريني وتبسمي من كل قلبك
وقولي لأولادك :
لي جدة تناصحني من عالم الأرواح
مصطفي_عبدالرحيم_الفرا
٢٥/٢/٢٠٢٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق