وَداعًا يا رَيَّان
ثِقْلُ الجِبالِ أخَفُّ مِنْ ثِقْل الأحْزان
رَيَّانٌ مِنْ غَياهِب الجُبِّ إلى الجِنان
كَأَنْ عِنْدَكَ وَقَفَتْ عَقارِبُ الزَّمان
فَرَأَيْتُ صُورَتَكَ على كُلِّ الجُدْران
أَنِينُ الجِسْمِ النَّحِيل هَزَّ البُلْدان
حَرَّكَ ما تَبَقَّى مِن ضَمير الإنْسان
اِرْتَفَع رَنِينُ بُكاءِ الأُمِّ عِنْدَ الآذان
ما كُنْتُ أحْسَبُك قَبْلي جَنْبَ المَنَّان
فَيْضُ العَيْنِ سالَ أغْرَقَ كُلَّ المَكان
قُلوبٌ مَزَّقها الفِراقُ كَيْفَ النِّسْيان؟
حَلَّتْ الأوْجاعُ أفْئِدَةٌ أكَلَتْها النِّيران
نُفُوسٌ ضَاقَتْ بِها مِساحَةُ الأوْطان
العُيُونُ تُصارِعُ الدُّموعَ بَعْدَ الفُقْدان
دُموعٌ في القَلْب لا يَنْطِقُها اللِّسان
عَجَزَ الصَّمْتُ كَما عَجَزَ كَلامُ البَيان
اِجْتَمَعَتْ الدُّنْيا نَطَقَتْ بِنَفْسِ الإيمان
أنَّ رَيَّانَ وَرْدَةٌ مِنْ وُرُود خُلْدِ البُسْتان
كَمْ كانَ صَعْبًا اِجْتِيازُ هَذا الامْتِحان
قِيلَ إنَّ الألَمَ يَخْتارُ دُونَ الاسْتِئْذان
دُنيا لا فِيها دَوامُ النِّعَمِ و لا الأمان
لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَبْتَسِمُ رِداءَه الاطْمِئْنان
سَفَرُكُ الأخِيرُ بِلا عَوْدَةٍ يُدْمِي الأبْدان
سَتَبْكِيكَ العُيونُ طولَ عُمْرِ الأزْمان
بَكَتْكَ أمُّهاتٌ سَكَبَتْ دُموعُ الحَنان
أيُّها المَوْتُ رِفْقًا بِحبيبٍ لكَ العِرْفان
تَوَحَّدَتْ الأرْواحُ في مَدائِن الاِحْسان
أصاب النَّفْسَ عَطَبٌ أحْضِروا الأكْفان
فِراقُ الكِبارِ مُؤلِمٌ فما بالُكَ الصِّبْيان
طنجة 09/02/2022
د. محمد الإدريسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق